بالطبع. الذاكرة الجماعية هي تجمع معلومات واحداث في ذاكرة شخصين او اكثر ينتمون لنفس المجموعة, تم استخدام هذا المصطلح Collective memory لأول مرة من قبل عالم الاجتماع موريس هالبواكس. يتذكر مجموعة من الناس المنتمين لمجموعة اجتماعية واحدة ذكرى معينة بطريقة مختلفة عن جماعة اخرى. فمثلا الحرب العالمية الثانية, حدث عالمي ولكن يتذكره الشعوب بطرق مختلفة. فالامريكيون يتذكرون بدقة اكثر الهجوم على ميناء بيرل, القنابل على هيروشيما وناجازاكي. الروسيون يتذكرون بدقة معركة ستالينجراد التي قُتل فيها مليوني جندي , ومعركة الكرسك أكبر معركة اساطيل في التاريخ , حيث ان هذين الحدثين هما الاكبر في التاريخ الحربي الروسي.
(1)تنشأ الذاكرة الجمعية بين المجموعة الواحدة بسبب تشاركهم للتجارب سوية, نشأتهم في نفس المنطقة, تعلمهم لنفس المناهج, وعيشهم لنفس الاحداث, ان هذا من شأنه ان يؤثر على طريقة تذكرهم للامور وربطها بانفسهم,
(2)يحدث ايضا النسيان الجمعي على نفس النمط, في دراسة أُجريت على طلاب الجامعات الامريكية في 1971, 1991, و 2009.لقياس مدى تذكرهم لجميع رؤساء امريكا, فان الرئيس السابع عشر للولايات المتحدة, اندرو جونسون كان الاقل ثبوتا في ذاكرتهم على مدى هذه السنوات. عام 1974 تذكره ما نسبته 97% من طلاب الجامعات, في عام 1991 انخفضت هذه النسبة الى 71% وبحلول 2009 فان نسبة تذكره كانت 42%.
(3)أريد ايضا اضافة الفكرة الاكثر اثارة بالنسبة لي وهي الذاكرة الجمعية الخاطئة, حيث يتذكر مجموعة من الناس حدثا معينا ولكن في الواقع فان هذا الحدث غير حقيقي. ان اكبر مثال على الذاكرة الجمعية الخاطئة هو ما حدث سنة 2009. الكاتبة الامريكية فيونا بروم تقول انها كانت في مؤتمر مع مجموعة من الناس, حين بدأت تتذكر الفاجعة التي حدثت في الثمانينات بموت الرئيس الجنوب افريقي السابق نيلسون مانديلا في السجن, وافقها الكثير من الحاضرين في ذاك المؤتمر وقتها وذكروا معلومات دقيقة كاعلان خبر موته على التلفزيون والقنوات الاخبارية, والخطاب الذي القته أرملته يومها. دقة المعلومات والذكريات المشتركة بينهم صادمة. والصادم اكثر من هذا ان نيلسون في الواقع توفي سنة 2013. وان جميع هذه الذكريات كانت خاطئة. على اثر هذا الموقف نشرت بروم مقالا يناقش هذه الظاهرة الغريبة, ومن حينها انتشر اسم هذه الظاهرة بتأثير مانديلا. يوجد العديد من الامثلة على ظاهرة تأثير مانديلا حيث يتفق الكثير من الناس على وقوع حدث معين في الماضي مع انه في الواقع لم يحصل. من هذه الامثلة صورة البقرة الضاحكة على علبة جبنة لافاش كيري, حيث يتذكر الكثير من الناس ومنهم أنا, ان البقرة كانت ترتدي حلقا في انفها, ولكن هذا غير صحيح وقد صدمت انا شخصيا حين تأكدت من عدم وجود الحلق. يتذكر ايضا مجموعة من الناس وجود لوحة رُسم فيها الملك هنري الثامن وهو يأكل فخذة ديك رومي, هذه اللوحة ليس لها وجود.
لا يوجد تفسير محدد لهذه الظاهرة, عدا التفسير الذي ينص على وجود اكوان موازية وخطوط زمنية بديلة للعالم ينتقل الناس بينها ويبنون ذكرياتهم من خلالها.
(4)