هل باعتقادك أننا على استعداد لرؤية ما يخبئه لنا المستقبل؟

2 إجابات
profile/حمزة-صياحين
حمزة صياحين
مترجم و قارئ في مجال علم النفس
.
٣٠ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
إن تخيلنا للمستقبل قد يخبر الكثير عن طبيعة مشاكلنا التي تعاني منها كبشر، دعني أخبرك عن أحد التَسميات الجديدة التي يستخدمها علم النفس في تشخيص مشكلات الإنسان، مصطلح (Homo Prospectus) الإنسان المُترقّب. والذي يعني أنّ الصفة المُميِّزة للإنسان، هي أنّه يقضي الجزء الأكبر من حياته وهو يتطلّع إلى المُستقبل، ويترقّب وقوع شيء ما، الكائن الذي يظلّ أسيرًا لما سيجري لاحقًا.

يوضح سيلغمان مؤلف هذه النظرية بأن المشكلة الأساسية تكمن في أنّ العقل البشريّ، لا يُميِّز بين وجود الخطر على أرض الواقع، وبين مُجرّد تخيّله أو التفكير به، أيّ أنّ جسم الإنسان يبدأ سلسلة من التفاعلات التأهّبية والدفاعية لمُجرّد تخيّل تهديد أو خطر مُستَقبَلي لا وجود له على أرض الواقع في الّلحظة الحالية

 حين تكون في المنزل، تُفكِّر ماذا ستفعل غدًا في العمل. حين تكون في العمل، تُفكِّر كيف ستتأخّر من أزمة السير. حين تكون عالقًا في أزمة السير، تفكّر بالتزاماتك المنزلي. الرابط المشترك دائمًا في تفكير الإنسان، هو أنّه يرحل بنفسه إلى لحظة قادمة لم يحِن وقتها بعد، فيُصاب بالقلق والفزع.

صيغَت مصطلحات عدّة لتمييز الإنسان عن غيره من باقي المخلوقات، بدأت بأنّه (حيوان ناطق) مرورًا بكونه (حيوان سياسيّ). واستخدم جوناثان غوتشل مصطلح (الإنسان الحكّاء) أي الكائن الوحيد الذي ينسج القصص والأساطير عن نفسه وعن الوجود. وكان الوصف العلميّ التطوّري الأكثر تداولًا هو (الإنسان العاقل). وما تبعه من تسمية الإنسان بوصفه إنسانًا اقتصاديًا (أي يتّخذ قراراته بناءً على حِسبَة عقلانية للأشياء). انتهاءً بوصفه إنساناً نفسانيًا (أي أنّه مُحمّل بحمولة نفسية وشعورية عالية تُعيق تفكيره العقلانيّ المُجرّد)

لكنّ الفكرة الجديدة التي أتى بها سليغمان ومدرسته في علم النفس، هي أنّه من الأدقّ أن نفهم الإنسان وسلوكه واضطراباته بناءاً على الكيفية التي ينظر بها إلى المستقبل وليس إلى الماضي ولا إلى الحاضر كما تخبرنا باقي مدارس التحليل النفسي.

بحسب سليغمان، فإنّ التحليل النفسي يُغرِق بالنظر لخبرات الماضي وتجارب الطفولة، وأنّ المدرسة السلوكية تُغرِق برصد عوائد وعواقب التجارب المُسبَقة، والمدرسة المعرفية تُغرِق في رصد الإدراك اللحظيّ والحالي. ويقول ماذا عن المُستقَبَل؟ ألا يؤثر إدراكنا للمُستقبل على سلوكنا الحالي؟

ماذا لو كان الإدراك البشري، يقوم بتوثيق وتسجيل الماضي، من أجل توليد هَلوَسات أكثر وثوقية لما يُمكِن أن يجري لاحقًا؟ ماذا لو لم يكن هدف الذاكرة تخزين مُحايد لحفظ الملفات السابقة، وإنّما أداة إدراكية لتوسيع مجموعة الاحتمالات التي يُمكِن تجنبها في المُستقبل؟  ماذا لو كانت المشاعر ليسَت إثارة لحظية لما يجري الآن، ولكن رسالة إدراكية لتحذيرنا أو تبشيرنا ممّا سيجري لاحقًا؟ ماذا لو لَم تكن السعادة حالة توصيفية لما يجري الآن، ولكن رسالة للتنبّؤ بكيفية سَير الأمور في المُستقبَل بناءً على مقدّمات اللحظة الحالية؟ ماذا لَو لَم تكن الأخلاق تقييمًا للسلوك الحاليّ، ولكن سؤال شديد الإلحاح لحمايتنا من الانحدار والتدهور في المُستَقبَل؟ 

يتساءَل سليغمان على مستوى إكلينيكي، ماذا لو كان علاج جزء كبير من الاضطرابات النفسية يتمركز أكثر على تدريبنا على مواجهة المُستَقبَل، أكثر من تركيزنا على خبرات الماضي؟ خلاصة هذه الفلسفة عمومًا، هي أنّ كلّ ما يجري للإنسان هو الفرق بين توقّعاته وبين ما يجري له.
وأنّه تحقّق الذات، قد يكون هو اللحظة التي تتقلّص أو تتلاشى فيها تنبّؤات المَرء، مع واقعه. 


  • مستخدم مجهول
  • مستخدم مجهول
قام 6 شخص بتأييد الإجابة
نحن على إستعداد لكل شيء ،،،،
خاصة فيما يتعلق بالاشياء المبهمة والمخفية عنا ،،،،،،،
غير اننا عندما نتكلم عن المستقبل نكون اكثر حذرا لاننا ، نحب ان تصاغ لنا الاخبار والتطلعات الايجابية فقط و الا فلا ،،،،
نتمنى ونامل الخير ،
وتفاءلو خيرا تجدوه،،،

  • مستخدم مجهول
  • مستخدم مجهول
قام 3 شخص بتأييد الإجابة