قد يكون السؤال الأكبر بين الناس عن المهاجرين غير الشرعيين هو: لماذا يقومون بذلك؟ ولماذا لا يهاجرون بشكل قانوني حتى يضمنوا حقوقهم أو حتى يتقدمون للحصول على الجنسية، سواء كان ذلك في الدول العربية أو الأوروبية أو الولايات المتحدةالأمريكية وكندا؟
علينا أن ننظر للهجرة على أنها نوع من الهروب سواء كان مؤقتًا أو دائمًا ضمن ثلاثة قطاعات لا رابع لهم، حيث تكون الهجرة إما للحصول على الحماية الإنسانية من الويلات أو الحروب أو تبني آراء ومواقف سياسية معارضة، أو للدراسة ثم الحصول على عمل أو لم شمل الأسرة. وعلى الرغم من وجود ترتيبات منظمة وإجراءات وقيود عديدة ومتطلبات للأهلية ويمكن للمهاجر اللجوء إليها، إلى أنّ المدة المحتملة للحصول على اللجوء طويلة، وقد لا يتم التصريح لهم أو الحصول على إمكانية اللجوء مهما قضوا في البلد التي وصلوا إليها على نحو غير مشروع. كما أن دخول المهاجرين غير الشرعيين إلى البلاد الغربية بالخصوص سيمنعهم من تعديل وضعهم والحصول على البطاقة التي تسمح لهم بالبقاء إلا إذا غادروا البلد والقيام باللجوء ضمن الإجراءات القانونية القياسية المطلوبة. وهذا قد يعرضهم لإشكالياتأخرىى معقدة فمثلاً يُمنع أي شخص كان خارج الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من ستة أشهر من أي وضع هجرة قانوني لمدة ثلاث سنوات - أو 10 سنوات إذا كان الشخص خارج البلد لأكثر من عام. هذا يعني أنه حتى في حالة توفر التأشيرة، يتعين على العديد من المهاجرين غير المصرح لهم المخاطرة بقضاء 10 سنوات بعيدًا عن عائلاتهم قبل السماح لهم بالعودة.
من يمكن أن يعتبر " مهاجر" ومن يعتبر "مهاجر غير شرعي"؟ هناك مجموعة متنوعة من الأسباب المفهومة بوجه عام لماذا يتم تعريف الناس على أنهم "مهاجرون غير شرعيين". يمكن لأي شخص عبور الحدود ضد قواعد البلد الذي يدخلون إليه. ربما كان شخص ما يعيش في بلد وفقًا لقواعده حتى انتهاء صلاحية تأشيرته أو إلغاؤها أو لم يعد بإمكانه تلبية شروطها. قد تتغير حالة الشخص أيضًا دون علمه - في بعض الأحيان ليتم تعريفه على أنه "مهاجر غير شرعي" في وطنه.
من هو المهاجر؟ في الميثاق العالمي للهجرة، لم يتم تعريف "المهاجر" على نحو صريح. في المستند، يبدو أن كلمة "مهاجر" تشير غالبًا إلى شخص عبر الحدود الدولية، ولكن في بعض الأحيان يبدو أنها تشير إلى شخص ليس من مواطني الدولة التي يعيشون فيها. يمكن ملاحظة عدم قابلية هذين المفهومين للتبادل إلى حد بعيد في حالة ما لا يقل عن 15 مليون شخص في العالم ممن لا يحملون جنسية أي بلد على الإطلاق، بما في ذلك البلد الذي يعيشون فيه. مع أنّ العديد من هؤلاء الأشخاص لم يعبروا أبدًا حدودًا دولية. هناك أيضًا حالات يتم فيها تحديد المواطنين على أنهم "مهاجرون غير شرعيين" في بلدانهم الأصلية لعدم حصولهم على الجنسية (مثل البدون، وقبائل النور) حتى يتمكنوا من إثبات خلاف ذلك.
[1] عندما يحاول المهاجر أن يقدّم على تأشيرة رسمية ويقابل بالرفض أو حجب التأشيرة إلى وقت وإجراءات متعسرة، سيحاول أن يصل لذلك البلد بأي طريقة كانت، وباستخدام استراتيجية أكثر غموض لعبور الحدود بصورة غير قانونية. وللأسف معظم الحدود في الدول الأوروبية تُظهر نهجًا منخفض السيطرة نسبيًّا، حيث يعتمد أغلبها على المكالمات الواردة من الأهالي قرب الممرات الحدودية. وما يحصل عند غرق قوارب المهاجرين غير الشرعيين على شواطئ إيطاليا وإسبانيا بشكل شبه يومي لتتحول أمال وأحلام العبور إلى مآسٍ عائلية. حتى في دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية لا يتم القبض إلا على 30% فقط من محاولات التسلل غير القانوني.
ركوب المهاجر غير الشرعي لما يشبه القارب المطاطي، دون وجود دليل يساعدهم على الوصول للشواطىء الآمنة، سيعرضهم إما للموت غرقًا أو عطشًا، أو خوفًا. ولنا فيما حدث للطفل إيلان مثال مؤلم لا يمكنني حتى اليوم نسيانه
كما قد تكون الهجرة غير الشرعية بركوب العائلات الشاحنات واكتظاظهم في داخل ما سبق من وسائل النقل يجعل رحلتهم هذه محفوفة بالمخاطر منها الغرق أو الاستعباد أو التعذيب أو الاغتصاب. كما أن تكلفة الرحلة غير الشرعية إلى دولة أوروبية ليست ثابتة. يعتمد المبلغ الذي سوف سيتم دفعه على عدة عوامل، مثل الطريق الذي سوف يتم الذهاب به والمهربين الذين سيتم التعامل معهم ونوع المواصلات. عادةً ينطلق المهاجرون في الرحلة واضعين سعر معين بالحسبان. يرتفع المبلغ الذي يدينون به خلال سفرهم. قد يحصل ذلك، على سبيل المثال، بسبب المطالبة بفدية أو بسبب مرض المهاجر غير الشرعي أو اضطراره للدفع النقدي من أجل المساعدة الطبية.
قد يقوم من يهربون الأشخاص إلى الاتجار بهم، أو استخدامهم في الأعمال غير الشرعية مثل تجارة المخدرات، أو العمل في وظائف بنصف الأجر ضمن ظروف سيئة. ومن ثم يتضح وجود امتهان للكرامة الإنسانية، واستغلالها بطريقة لا تتماشى مع حقوق الإنسان وتوجهات الأمم المتحدة.
إذا اعترفنا بالمساهمات الاقتصادية الإيجابية التي يقدمها المهاجرون غير الشرعيين، فإن هشاشة وضعهم يبدو أكثر إشكالية. غالبًا ما تكون الظروف المعيشية مؤسفة، حيث يتكدس ما يصل إلى عشرة مهاجرين في شقة من غرفتي نوم. يعيش المهاجرون الذين لا يحملون وثائق تحت تهديد دائم باكتشافهم وترحيلهم. هذا الخوف يفتحهم أمام جميع أنواع الانتهاكات - المالية والجسدية وحتى الجنسية - دون أي إمكانية للجوء القانوني. هؤلاء الأشخاص ليسوا على دراية جيدة بصعوبة الوضع الذي سيواجهونه في البلد المضيف، ولا يمكنهم توقع التحديات التي قد يواجهونها على طول الطريق. تشير الزيادة في الاتجار بالبشر خلال السنوات الأخيرة إلى سذاجة معينة بين المهاجرين غير الشرعيين، بحيث يدفعون مبالغ ضخمة لتهريب أنفسهم إلى الاتحاد الأوروبي، لتحمل أكثر الظروف المروعة التي يمكن تخيلها على طول الطريق. وعلى الرغم من أن وضعهم غير القانوني هو الذي يعطي هؤلاء المهاجرين قيمة اقتصادية خاصة بهم، إلا أنه لا يمكن للمرء أن يقبل أخلاقياً الوسائل غير البشرية التي يجبرون من خلالها على الدخول.
[2] [3] كما تنتشر السوق السوداء سواء في عملية الهجرة غير الشرعية ذاتها من ثمن ركوب القوارب والمركبات المختلفة، إلى الاتجار بالبشر. كما تزداد عمليات تزييف العملات والاتجار بالمخدرات والتهرب الضريبي وإصدار الشيكات دون رصيد إما للتمكن من الهجرة، أو في وقت لاحق الهجرة غير الشرعية للحصول على مصدر رزق سريع. كما قد يحاول بعض المهاجرين غير الشرعيين بتكوين أسرة بالزواج من المواطنين وتكوين أسرة ستتشتت فيما بعد بعد إجبار المهاجر غير الشرعي على العودة لبلده. كما قد تزداد حدة الجريمة المنظمة أو غير المنظمة، وحدوث العمليات الإرهابية والتطرف نتيجة نبذ المجتمع لهؤلاء المهاجرين غير الشرعيين. ليصاب معظمهم بالاكتئاب والفصام والأمراض النفسية ليصل الأمر إلى الانتحار لعدم قدرتهم على التجانس مع المجتمع الجديد.
[4] وبناءً على ما سبق، يمكننا الاستنتاج أن الهجرة غير الشرعية هي اللجوء للموت البطيء، الاستدراج نحو الاغتراب المدمر. هو فعلًا نوع من الانتحار دون عودة، أو عودة للموطن دون حقوق أصيلة أو تغيير في الأوضاع التي لأجلها تم التخلي عن الوطن، وأرض الوطن، وتراب الوطن. لذا لا تُقدم على هذه المغامرة غير المحسوبة بتاتًا، فهو طريق شائك لا بد أن تجني سموم ثماره.
المصادر:
[1]:
What makes someone an ‘illegal immigrant? [2]:
مخاطر الهجرة غير النظامية [3]:
إستراتیجیة الاتحاد الأوروبي لمواجھة التھدیدات الأمنیة الجدیدة - الھجرة غیر الشرعیة أُنْمُوذَجًا - [4]:
الهجرة غير المشروعة (الضرورة والحاجة)