بالطبع المعرفة مرهقة و مرهقة جداً, فإدراكنا للواقع هي مهمة صعبة نأخذها كأمر مسلم به و لكن الأنسان هو الكائن الوحيد المدرك لذاته بشكل فطري و لديه حس الهوية و الذات و يترتب على هذا الأحساس ضغوطات لشعوره بالحاجة لملئ فراغ الهوية لديه و يستدل على هذا بسؤال الأنسان لنفسه "من أنا؟" و قد يفني الأنسان عمره في البحث عن هويته, فبالتلي ليست المعرفة فقط مرهقة بل ان طريق الوصول اليها متعب كذلك, و اكتساب المعرفة أختلف عليه الفلاسفة فالبعض اتبع المدرسة الحسية حيث يحصر اكتساب المعرفة على ما هو محسوس, و البعض اتبع المدرسة التجريبية و فيها انحصر اكتساب المعرفة بالتجربة كوسيلة حصرية, و هناك ايضاً المدرسة العقلانية التي تحصر اكتساب المعرفة على العقل و المنطق, و الهدف من ذكري لهذه المدارس ليس فهم المدرسة بحد ذاتها بل لندرك ان موضوع العرفة و تعريفها و طرق إكتسابها امر انشغل به الأنسان لأهميته, و من أثار المعرفة على الأنسان الأرهاق فقد قال الفيسلوف الصينيي جوانغ زي "المعرفة الزائدة لعنة".
و الأن قد تقول ان الفلسفة تفسر الواقع على اهواء الفلاسفة هل لديك دليل علمي حديث على ان المعرفة مرهقة ؟ فصديقي المثقف و الحائز على مرتبة الشرف بالجامعة أنشط و أسعد مني و منك, و هنا اجيبك بالطبع لدي فحسب دراسة منشورة تحت عنوان "التعب المتعلق بالعمل: الحالة الخاصة للنساء ذوات التعليم العالي في هولندا" وجد ان هؤلاء النساء تكون الحاجة الى الاسترداد اطول من النساء الغير متعلمات, و المفصود بالحاجة الى الأسترداد هذه هي الحاجة الى فترة للراحة و يفسر ازدياد هذه الحاجة لديهم بأن ادراكهم العالي لمصاعب العمل يزيد من نسبة الأرهاق.
و هذه ليست الدراسة الوحيدة التي خرجت بهذه النتائج, بل قد خرجت بنفس النتائج بنفسي حين لم ادرس احدى المواد بشكل جيد ببداية الفصل معتقد بأنه سهلة و سلسلة و ما ان بدأت دراستي لها ادركت و عرفت صعوبتها فازداد ارهاقي !