هل العدمية مرض نفسي؟

1 إجابات
profile/عبدالله-هليل-العنقي
عبدالله هليّل العنقي
كاتب في freelancer (٢٠١٩-حالياً)
.
٠٥ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 إن كنت تعتقد ذلك فيحب عليك التعرف عليها بشكل أفضل واحكم بنفسك، اذاً هل العدمية مرض نفسي؟

 تختلط على الناس فكرة العدمية بأغلب الأحيان والعدمية الفلسفية هي عكس الوجود والوجود هنا هو ما نعني به وجود الإنسان أو الوعي الإنساني والفهم لما يدور حوله، فقط قبل بضعة آلاف سنة بدأنا بإدراك ما حولنا وأسميناه الوجود، وبنينا قوانيننا الخاصة وأفكارنا حول الوجود، وكل شيء مر بنا ولم نستطع فهمه نسبناه إ لى شيء أكبر وأسميناه الخالق، مرت العصور وسرنا على دراية أننا لسنا مركز الكون بل  نحن على الارض التي هي بالمناسبة ليست حتى مركز النظام الشمسي بل واكتشفنا أنها ليست المجرة الوحيدة بل هناك الملايين منها وحتى أن الكون المنظور قد يكون أكبر بملايين مرة مما نتصوره لكننا لن نعرف أبداً ذلك.

 دعني أوضح لك ما هي العدمية في البداية: هي اتجاه فلسفي أدبي وهذا الاتجاه لا يختلف مع شبيهاته في الجهة المقابلة مثل السلفية الدينية أو حتى فلسفة التنجيم التي يعتبرها الكثير حقيقة لكن هي من الخرافات والعلم الزائف وغيرها الكثير، الهدف من العدمية بشكل عام هو ايقاظ الوعي الإنساني وتحديد القدرة البشرية في هذا العالم، وبشكل أخص تحفيز الجنس البشري على الوصول إلى مرحلة ما بعد الغريزة الحيوانية والتربع على قمة الهرم بصورة أسمى وبعيداً عن لهو الحياة والخوف من فكرة الموت وما بعده من ثواب أو عقاب.

وتعود هذه الفلسفة إلى العصر الإغريقي حيث كانت تعرض مسرحيات عن العدمية وصراع الإنسان مع ذاته لتحقيق الهدف الأعظم للحياة، وتبلورت تلك الفلسفة عبر الزمن حتى وصلت إلى الأديان التي تناولتها بصور تكاد تكون قريبة بشكل أو بآخر.

 طبعاً تختلف المراجع الدينية مع أشكال العدمية لأن الدين ببساطة هو التسليم بوجود إله خلق كل شيء لسبب، ويكمن هذا السبب في عبادته فقط دون أي ذرة شك، وهنا يرى العدميون أن هذه الفلسفة لا تمنع الإيمان لأن الإيمان نابع من الشك والتفكير، ولا الإنكار بوجود أي شيء بل هي المحاولة إلى النظر للأشياء بعمق أكبر عن طريق الشك.

 ولدت العدمية اشكال مختلفة منها:

العدمية الوجودية: وهي الفلسفة الجازمة بعدم أهمية الانسان لهذا العالم الكبير وأن عدم وجوده لن يؤثر على الكون، ويستند الوجوديون إلى التاريخ السحيق ما قبل الإنسان والإفتراض بانتهاء مستقبل الحقبة الإنسانية حيث أن العمر لهذه الحقبة لا يساوي شيئاً نسبياً إلى عمر الكون.

العدمية المعرفية: ببساطة هي الشك في العلوم البشرية على عدم صحتها أو عدم القدرة من التأكد منها بشكل كامل.

العدمية الميتافيزيقية: الفلسفة العدمية التي تنعى بأساس الوجود والبدايات للمعرفة والإدراك المطلق للأفكار والوجود ومنها الغير ملموس كالظواهر الخارجة عن الطبيعة.

العدمية الأخلاقية: وتنظر إلى الأخلاق على أنها غير مهمة وهي من صنع الإنسان وفق مبادئ تتوافق مع مصالحه الحياتية، قد تتمادى الفلسفة في بعض الأحيان بدرجة غير مقبولة للمجتمع المعاصر الذي نسعى نحن كبشر إلى تهذيبه بكافة الأشكال وإن صح التعبير هنا يمكنك تسمية هؤلاء بـــ “عديمي الأخلاق” حرفياً ولن تكون إهانة.

ومن نظرة أخرى العدمية لا تعني الاستسلام واليأس بل هي محفز للإنسان للتفكير في الكون وتحديد مكانه من هذا العالم الواسع، وبهذا يصل إلى معرفة حجمه الطبيعي وقدرته وبالتالي يتعامل مع الحياة على أساس ذلك.

أما بالنسبة لسؤالك وبشكل مباشر فحسب علم النفس قد لا يتفق العلماء والأطباء بالإجماع على أن الفلسفة العدمية هي مرض نفسي، بل تنطبق عليها مفاهيم الفلسفة دون أي تمييز أو تحيز، أما في حياتنا العادية نادراً ما نصادف عدمي وإذا حصل ذلك فعلى الأغلب لن تتعرف عليه لأنه وببساطة فإن العدمي ليس مهتما بآراء الناس ولا بنشر أفكاره فهي حياة لا تعني شيئاً في النهاية بالنسبة له.