هل الحب بالقلب بدون كلام يغضب الله حرام ويحاسب عليه المرء؟

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٨ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
ميل الرجل للمرأة أو الشاب للفتاة هو أمر فطري غريزي، وكثيراً منا قد يسمع بامرأة أو يراها فجأة فتعلَّق بها قلبه ولم يكن له في ذلك كسب ولم يسع إليه، فهذا لا يُلام عليه لأن الله سبحانه إنما يحاسب الإنسان على كسبه وإرادته وعمله الداخل تحت إرادته، فإن اتقى المحبُّ ربه وغض بصره، ولم يتعد دائرة الإعجاب ولم يسع ‏إلى محرَّم، كخلوة ومجالسة ومحادثة، أو إلى انشغال عن الواجبات فإنه ‏معذور حتى يجد سبيلاً إلى الزواج بها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم يُر للمتحابين مثل النكاح" (رواه ابن ماجه)، فإن تعذَّر عليه نكاحُها صرف قلبه عنها حتى لا يقع فيما يغضب الله تعالى.

- فالله تعالى يتجاوز عن الإنسان ما حدّث به نفسه، ففي الحديث الصحيح: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ" متفق عليه.

- وأن النية ما لم تصل إلى مرحلة الهم والفعل يتجاوز الله تعالى عنها أيضاً، ففي الحديث الصحيح: عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ: "إِنّ الله كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسّيّئَاتِ. ثُمّ بَيّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً وَإِنْ هَمّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله عَزّ وَجَلّ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ. وَإِنْ هَمّ بِسَيّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً... وَإِنْ هَمّ بِهَا فَعَمِلَهَا، كَتَبَهَا الله سَيّئَةً وَاحِدَةً"متفق عليه.

-فمراحل النية خمس مراحل هي:
1- حديث النفس.
2- الهاجس.
3- الخاطر.
وهذه المراحل الثلاثة الأولى لا يحاسب عليها العبد.
4- الهم.
5- القصد والفعل
- وهاتين المرحلتين يحاسب عليهما العبد.

- أما إذا وقع الحب باختيار الشخص وسعيه، كحال من يتساهل في النظر إلى النساء، والحديث معهن ومراسلتهن، وغير ذلك من أسباب الفتنة، أو وقع بغير اختياره ولكنه لم يتق الله ولم يراع حدوده، بل استرسل في النظر، وصار يخلو بها، أو يحادثها، ونحو ذلك، أو أحب امرأة متزوجة، أو أحب من يستحيل أن يتزوجها للفوارق الاجتماعية بينهما؛ فلا ريب أن ذلك الحب في تلك الحال لا يبيحه الإسلام ولو كان في النية إتمامه بالزواج.
 
-كما أنه لا يوجد في الإسلام شيء اسمه صداقة وأخوة وحب بين الشاب والفتاة حتى ولو كانوا أقرباء لبعض وأبناء عمومة، فالأصل في العلاقة هي المنع والتحريم إلا من خلال الخطبة والزواج.

- فلا يجوز شرعاً التحدث مع فتاة أجنبية عنك إلا للضرورة القصوى كأن تكون بائعة في محل وأنت تريد أن تشتري منه (كالصيدلية) أو التحدث معها من أجل المعالجة (كالطبيبة) وغيرها من الأمور الضرورية.

- أما إذا وقعت في الحب فلا بد لك من حل وعلاج والحل يكون بالطرق التالية:

أولاً:
عليك بالزواج -إذا كان ممكناً- وهو أصل العلاج ‏وأنفعه.‏

ثانياً: إذا لم تتمكن من الزواج وكنت صغيراً ولا يصعب الزواج من تلك الفتاة لي سبب من الأسباب فعليك أن تشعر نفسك باليأس منها– فإن النفس متى يئست من الشيء استراحت منه ولم تلتفت إليه.
 
ثالثاً: النظر إلى الموضوع عموما وما يجلب من مفاسد أو مصالح ولا شك أن مصير هذا الأمر هو المفسدة ولذلك تحول بينك وبين رشدك الذي هو ملاك أمرك، وقوام ‏مصالحك.‏‏

رابعاً: اللجوء إلى الله تعالى بأن يصرف عنك هذا الحب وهذا التعلق وأنك تترك هذا الأمر طلباً لمرضاة الله تعالى، وكن على يقين وثقة بأن الله سيبدلك أفضل مما تريد، لأنه من ترك شيئاً لله أبدله الله تعالى أفضل منه.

والله تعالى أعلم.