هل الأفضل في تربيتك لأبنائك تميل إلى توجيههم لأن يكونوا مثلك أم تبقي لهم حرية اختيار قراراتهم وحياتهم الخاصة؟

1 إجابات
profile/بشاير-نهاد-جابر
بشاير نهاد جابر
أخصائية نفسية
.
٠٦ ديسمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
وظيفة الوالدين هي تربية الأولاد وتوفير ما يحتاجونه من رعاية واهتمام وليس جعلهم نسخ مصغرة عنهم، لكن ليس بالضرورة أن يكون أحدها أفضل والآخر أسوأ، الأمر مرهون بشخصية الوالدين، وإن كنت تظن أنه من الجميل أن ترى أطفالك يكبرون ويطورون من أنفسهم ليشبهوا والديهم، فإن الأجمل رؤية تفردهم وتميزهم وقدرتهم على إعادة التنظيم الذاتي لما يتم تلقيه من معلومات وخبرات بما يتناسب وشخصياتهم.
 هناك بعض الأمور التي تغيب عن أذهان الوالدين عند القيام بتربية الأبناء وهي اختلاف الزمان والمكان والحاجة لمجاراة العصر، فيقوم الأهل بتربية أبنائهم بنفس الطريقة التي تم تربيتهم فيها، أو مع إهمال عامل التسارع في التطور واختلاف المجتمع، وهذه واحدة من الأسباب التي قال فيها علي بن أبي طالب: "لا تربوا أبناءكم كما رباكم آباؤكم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم" ، لذلك وبدلاً من توجيه الأبناء بأن يتصرفوا مثلنا، ويتحدثوا مثلنا، ويفكروا بنفس الطريقة التي نفكر فيها، يجب أن نمنحهم حرية الاختيار والاكتفاء بتربيتهم على معرفة الصواب والخطأ، وغرس القيم الصالحة فيهم، وتشجيعهم على التعبير عن أنفسهم بالطريقة التي يرغبون.

الأطفال بطبيعتهم يميلون إلى التقليد والنمذجة عن طريق ملاحظة سلوكات الوالدين وتصرفاتهم وهذا أمر جيد إذا ما تم استغلاله بالشكل الصحيح وتصرف الوالدين بالطريقة التي تمثل القدوة السليمة والطفل، لكن التشابه والتقليد هذا يتوقف عندما نأتي إلى الأفكار والشخصيات والمعتقدات، هنا من الأفضل أن يتبنى الطفل قناعاته وأفكاره الخاصة التي أخذها عن قناعة، باختصار أنا لا أعلم الطفل ليصبح مثلي بل أعلمه الوسائل والطرق التي يحتاجها ليعلم هو من يريد أن يكون، حينها لديه حرية الاختيار بأن يصبح كوالديه أو يختلف عنهم ما دام الأمر في حدود المنطق والصواب.

إليك بعض الأساليب التربوية التي ستساعدك في تنشئة الطفل بهذه الطريقة:

1. عدم التذبذب في التربية:
على سبيل المثال عقاب الطفل على سلوك خاطئ وتجاهله في حالة التكرار، ثم عقابه بعد مرتين ثلاثة، هذا التذبذب يعطي انطباعاً للطفل أن الصواب والخطأ مرتبط بمزاجية الفرد وهو ليس من الأمور المتفق عليها.

2. اتفاق الوالدين على أسلوب التنشئة: كثيرًا ما نسمع كلمة "الأب بشد وأنا برخي" وهي من أكثر الأخطاء التربوية الشائعة بين الوالدين، حيث تظن الأم أنها بهذا الفعل تفتح المجال لأبنائها بالحصول على الحرية اللازمة لكن على العكس تمامًا، لأن الأطفال أذكى مما نظن وبدلاً من استخدام هذا القدر من الحرية سيبدأ الأطفال بالتحايل على الوالدين لتحقيق رغباتهم، فالشدة خطأ والرخاوة خطأ بل ما بين وبين.

3. ضع مستوى معقول من التوقعات: الأطفال ليسوا خارقين، احرص على أن تكون التوقعات التي تضعها لطفلك مناسبة لعمره وقدراته لا أكثر ولا أقل، فالتوقعات التي تتجاوز قدرات الطفل ستجعله يشعر بأنه فاشل، والأقل لن تمنحه الحافز للإنجاز والتطوير وهي نقطة مهمة عندما نتحدث عن تكوين شخصية الطفل وتوجيهه.

4. تنمية حس المسؤولية لدى الطفل: تعويد الطفل على أن يتحمل مسؤولية أفعاله وأن لكل أمر عواقب عليه أن يتحملها على سبيل المثال في كل مرة يلعب بألعابه عليه أن يعلم أنه هو من يجب أن يرتبها بعد الانتهاء، السلوك الجيد جزاؤه التعزيز (ماديًا كان أو معنويًا) والسلوك السيء له عاقبته أيضًا.

5. تعزيز وتنمية الشعور بالاستقلالية: بعض الأمور التي تجعل الطفال اتكاليًا واعتماده كلي على الآخرين هي معاملة كرضيع، الطفل يحتاج الرعاية والعناية لكن هناك فرق بين الرُّضع والأطفال، ففي مرحلة سيحتاج الطفل أن يرتب سريره بمفرده، يقوم بتنظيف أسنانه لوحده، تناول الطعام، ارتداء الثياب ... الخ، من الضروري أن يشعر الطفل بهذا القدر البسيط من الاستقلالية حتى يستقل بفكره وشخصيته عندما يكبر أيضًا.

وتطول اللائحة، لكن الأهم أن يعلم الووالدين أنه لا يوجد أسلوب مثالي واحد أو آباء مثاليين، لأن شخصية الطفل تلعب دوراً في التنشئة وكذلك الوالدين، ليس المهم أن يكبر الأبناء ليصبحوا كآبائهم، المهم أن يكبروا ليصبحوا الشخص الذي تفضل التعامل معه.