هل احترام المعلم يعتبر واجبا دينيا ونؤثم على عدم أداؤه

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٢٦ نوفمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
تقدير المعلم - الذي يعلم الطلاب علما محترما شرعيا - واجب شرعي يؤثم من قصر أو تعداه عن قصد وتعمد ، فحق المعلم جعله بعض العلماء مثل حق الوالد أو فوقه ، فإذا كان إهانة الوالد معصية لا تجوز فكذلك إهانة المعلم معصية .

والدليل على ذلك أمور :
1. أن الله رفع أهل العلم درجات ، وفرق بين أهل العلم وأهل الجهل :
قال تعالى ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) ( المجادلة ،11 )
وقال تعالى ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذبن لا يعلمون ) ( الزمر ، 9)    
ومن رفعه الله وجعله في هذه المنزلة لا يجوز وضعه والتحقير منه وإهانته أو إيذاؤه دون مبرر شرعي.
2. في قصة موسى مع الخضر عليهما السلام ، يعلمنا موسى وهو نبي الله وكليمه ومن أولي العزم من الرسل وهو في المرتبة عند الله في المنزلة العظيمة المعروفة درسا عظيما في غكرام المعلم، فلما صار في موضع المتعلم أجلَ معلمه الخضر وتواضع بين يديه وتأدب كما ورد في قصتهما في سورة الكهف .
قال تعالى ( قال هل اتبعك على ان تعلمن مما علمت رشدا ) فانظر إلى أدبه في الاستئذان .
3. وعن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ " ( رواه أحمد وغيره).
فمن لم يعرف حق العالم المعلم فليس من المحبوبين للنبي المتبعين لهديه .
4. و عن أبي أمامة الباهلي قال: (ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان: أحدهما عابد، والآخر عالم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير) ( رواه الترمذي والطبراني ).
فإذا كانت الدواب تعرف لمعلم الناس الخير حقه حتى انها تصلي عليه يعني تدعو له ، فمن لم يعرف حق معلمه الخير فالدواب خير منه !

قال ابن مفلح رحمه الله في كتابه الآداب الشرعية : " وَيَنْبَغِي احْتِرَامُ الْمُعَلِّمِ وَالتَّوَاضُعُ لَهُ، وَكَلَامُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مَعْرُوفٌ... ، 
... وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ : اتَّفَقُوا عَلَى إيجَابِ تَوْقِيرِ أَهْلِ الْقُرْآنِ، وَالْإِسْلَامِ، وَالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَذَلِكَ الْخَلِيفَةُ، وَالْفَاضِلُ، وَالْعَالِمُ،  وَذَكَرَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فِي كِتَابِهِ " فَاتِحَةِ الْعِلْمِ " أَنَّ حَقَّهُ آكَدُ مِنْ حَقِّ الْوَالِدِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِتَحْصِيلِ الْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ، وَالْوَالِدُ سَبَبٌ لِحُصُولِ الْحَيَاةِ الْفَانِيَةِ، وَعَلَى هَذَا تَجِبُ طَاعَتُهُ وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ، وَأَظُنُّهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الْعِلْمِ لَا مُطْلَقًا "

ويروى عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه مر به أعرابي من اهل البادية فاجله وأكرمه وأضافه كثيرا ، فلما ذهب سأله طلابه من هذا الذي بالغت في إكرامه ؟ 
فقال : هذا أعرابي علمني كيف أفرق بين ذكر الكلاب وأنثاه !
فانظر كيف عظم الشافعي وهو من هو هذا الأعرابي لمسالة دنيوية علمه إياه فاعتبره معلما له يستحق إكرامه .

والله اعلم