هل أذن الله للجن بالتحكم بالإنسان والسيطرة عليه أم أن قصص التلبس لا أصل لها وما هي أدلة ذلك من الكتاب والسنة

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٢٤ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
لم يأذن الله للجن بالتحكم بالإنس ولا السيطرة عليه ، ومسألة تلبس الجن لا يعني أن الجن سيطر على هذا الإنسان سيطرة تامة أو أنه يتحكم فيه ، وإنما التلبس يعني أن الجن يؤذي الإنسان يضره في بعض تصرفاته بحيث لا يجعلها منضبطة وقد يقوم ببعض الحركات هذه الجني المتلبس كإصدار أصوات عند تلاوة القرآن أو يجهد فكره ويتعب نفسه ، أما السيطرة التامة التي قد تظنها بمعنى أن الإنسان تابعاً مجرداً لهذا الجني يحكم جميع تصرفاته فهذا غير صحيح .

ومسألة التلبس أصلها صحيح وهي واقعة وأهل السنة والجماعة متفقون على إمكان وقوع التلبس في الإنسان ، ويعتبر إنكار وقوع التلبس عده أهل السنة والجماعة من قول أهل البدع ، كما ذكر الإمام أحمد بن حنبل وابن تيمية رحمهما الله .

ومن أدلة وقوع التلبس :

 1. قوله تعالى‏:‏ ‏(‏الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) .

قال ابن كثير رحمه الله‏:‏ ‏"‏ لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له‏"‏‏.‏

2. 
وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أنه أُتي بصبي مجنون فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ‏(‏اخرج عدو الله، اخرج عدو الله‏)‏.

وفي بعض ألفاظ الحديث ‏:‏ ‏" (‏اخرج عدو الله ، أنا رسول الله‏)‏‏ فبرأ الصبي " ( رواه أحمد والبيهقي)

وقال عبد الله ابن الإمام أحمد‏:‏ ‏"‏ قلت لأبي‏:‏ إن قوماً يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي فقال‏:‏ يا بني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه‏"‏‏.‏

وقد ذكر العلماء الأئمة الثقات قصص وحوادث كثيرة جرت معهم وعاينوها بخصوص تلبس الجن بالإنسان ، وكان ابن تيمية رحمه الله كثيراً ما يساعد على رقية الملبوس وله قصص رواها ابن القيم رحمه الله .

وقد عاينت شخصياً بعد الحالات التي يظهر فيها أن هناك من يتكلم على لسان الآدمي أو يحاول التأثير عليه .

ولكن هنا عليك الانتباه أنه لربما كثير من القصص التي يقال أنه فيها تلبساً أو سحراً إنما هي في الواقع ترجع إلى مرض نفسي ولا علاقة لها بالتلبس والسحر ، فتجد مبالغات كثيرة في هذا الباب وقصص تروى وخرافات تحكى لا أصل لها ، وصار بعضهم يعزو كل ابتلاء أو حادث أو فشل في حياته إلى أنه سحر أو تلبس جن ، و الواقع ليس كذلك .

وإنما الصحيح والحق هو التوسط فلا ننكر أصل التلبس فهو واقع ، ولكن لا نبالغ في وجوده بحيث نعزو كل شيء إليه .

والله أعلم