هي (حارسة القرآن) حفصة بنت عمر بن الخطاب (أم المؤمنين) رضي الله عنها وعن أبيها. فكان عندها المصحف بوصية من أبيها عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه.
-وفي خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه أخذ المصحف (النسخة الأصلية والوحيدة) من عند حفصة ونسخ منها عدة نسخ ووزعها على الأمصار الإسلامية.
- ولدت (حارسة القرآن الكريم) فصة رضي الله عنها قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، تزوجت في البداية بخنيس بن حذافة السهمي، أسلم وهاجر إلى الحبشة الهجرتين، وهاجرت حفصة معه إلى المدينة فشهدا بدراً، وخرج يوم أحد فأصابته جراحة فمات.
ولما رأى عمر أن ابنته تأيمت لقي عثمان بن عفان فعرضها عليه فقال عثمان: مالي في النساء حاجة. فلقي عمر رضي الله عنه أبا بكر الصديق فعرضها عليه فسكت، فوجد على أبي بكر. ولكن عندما سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدها نهض مسرعاً إلى رسول الله وهو في غمرة من الفرح يصافحه ويشكر الله فيه، وقد نسي ما عانت نفسُه العزيزة من قسوة الرفض، وخرج عمر من لدن رسول الله يكاد يطير بجَناحين من عزة وفرحة، ليزف إلى ابنته وإلى أبي بكر وعثمان وجميع أهل المدينة بشرى هذه الخِطبة المباركة. ويشاء الله أن يكون أبو بكر أول مَن يلقى عمر، ويدرك سرَّ فرحته، فيُقبل عليه مهنئًا معتذرًا: لا تجدْ عليِّ يا عمر؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر حفصة؛ فلم أكن لأفشي سرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو تركها لتزوجتُها، وانصرف كلاهما إلى ابنته؛ عمر ليهنِّئ حفصه بأكرم زوج، وأبو بكر ليهوِّن على عائشة من وقع الخبر، وهكذا تمت نعمة الله على حفصة، تأسو جراحها، وتنسيها أتراحها، كما تمت على عثمان بزواج أم كلثوم بنت رسول الله - عليه صلوات الله.
- وكان زواج النبي صلى الله عليه وسلم من حفصة سنة ثلاث من الهجرة، وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقة، ثم راجعها بأمر جبريل عليه السلام له بذلك، وقال: "راجع حفصة إنها صوّامة قوّامة وهي زوجتك في الجنة" أخرجه البزار والطبراني وصححه الألباني.
-ولما بويع أبا بكر الصديق رضي الله عنه خليفة للمسلمين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، كانت حفصة هي التي اختيرت من أمهات المؤمنين جميعاً لتحفظ أول مصحف خطي للقرآن الكريم، وكان ذلك هو السبب في تلقيبها بحارسة القرآن. أقامت أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها عاكفة على العبادة قوّامة صوّامة حتى ماتت في عهد معاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنه.
- وبعد وفاة الخليفة الأول وتم تنصيب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه خليفة لخليفة رسول الله انتقل المصحف عند عمر رضي الله عنه لكونه الخليفة بعد أبي بكر رضي الله عنه، ولما توفي عمر رضي الله عنه أوصى بأن يجعل المصحف عند حفصة رضي الله عنها لأن عمر لم يستخلف بعده وجعل الأمر شورى كما هو معلوم، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وإنما كان ذلك عند حفصة رضي الله عنها لأنها كانت وصية عمر، فاستمر ما كان عنده عندها.
- ولكن عندما اختلف أهل العراق في المصحف في عهد عثمان بن عفان طلب عثمان رضي الله عنه المصحف من حفصة ونسخ منه عدة نسخ ووزعها على الأمصار وجمع الناس على ذلك المصحف ووافق على هذا الفعل كل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم.
- فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لا تقولوا في عثمان إلا خيرا، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا قلنا فنعم ما رأيت. فهذا إقرار من علي لعثمان وللمصحف الذي نسخه من عند حفصة.