من هو بختنصر الذي حكم الأرض وهل كان مسلماً؟

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠١ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
هو رجل سلطه الله تعالى على بني إسرائيل حيث شن عليهم حرباً حتى قتل معظمهم وسبا بعضهم ونفى البعض الآخر، ولم يكن مسلماً، وتقول بعض الروايات أنه كان على دين المسيح.

- قال الله تعالى: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحسنتم لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) سورة الإسراء (7).

- فقد فسر بعض أهل التفسير هذه الآية بأن المرة الثانية في إفساد بني إسرائيل كانت بعد موت يحيى ورفع عيسى عليهما السلام، وذكر بعض المفسرين؛ أن المَلِك الذي هاجم بني إسرائيل فدمر بيت المقدس في هذه المرة، هو "بختنصر"، وقيل غيره.

قال ابن أبي زمنين رحمه الله تعالى:

" (فإذا جاء وعد الآخرة) يعني: آخر العقوبتين (ليسوؤوا وجوهكم) وهي تقرأ (ليسوء) أي: ليسوء الله وجوهكم (وليدخلوا المسجد) يعني: بيت المقدس (كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا) أي: وليفسدوا ما غلبوا عليه إفسادا؛ يقال: إن إفسادهم الثاني: قتل يحيى بن زكريا، فبعث الله عليهم بختنصر، عدا به عليهم؛ فخرب بيت المقدس، وسبى وقتل منهم سبعين ألفا " من "تفسير ابن أبي زمنين" (3 / 13).

- وقال الإمام الطبري في تفسيره في الجزء الرابع عشر: (حدثنا أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: (بعث عيسى ابن مريم يحيى بن زكريا، في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس. قال: فكان فيما نهاهم عنه، نكاح ابنة الأخ. قال: وكانت لملكهم ابنة أخ تعجبه يريد أن يتزوجها، وكانت لها كل يوم حاجة يقضيها، فلما بلغ ذلك أمها، قالت لها: إذا دخلت على الملك فسألك حاجتك، فقولي: حاجتي أن تذبح لي يحيى بن زكريا، فلما دخلت عليه سألها حاجتها، فقالت: حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا، فقال: سلي غير هذا، فقالت: ما أسألك إلا هذا، قال: فلما أبت عليه دعا يحيى ودعا بطست فذبحه، فبدرت قطرة من دمه على الأرض، فلم تزل تغلي حتى بعث الله بختنصر عليهم، فجاءته عجوز من بني إسرائيل، فدلته على ذلك الدم. قال: فألقى الله في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن، فقتل سبعين ألفا منهم من سن واحد، فسكن) وهذا الأثر إسناده ظاهره الحسن، وقد صححه الحاكم في "المستدرك" (2 / 290) فقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي.

وهذا الخبر غالب الظن أنه مما نقله ابن عباس رضي الله عنه عمن أسلم من أهل الكتاب فهو في حكم الإسرائليات لا نصدق هذا الخبر ولا نكذبه، وابن عباس رضي الله عنه ينقل أحيانا من أخبارهم وقصصهم؛ خاصة ما ورد عنه من طريق سعيد بن جبير. كما يروي عن ابن عباس في أمور الغيبيات من أخبار السابقين وأحوال القيامة مما يحتمل أخذه من بني إسرائيل.

- وقال بعض المحققون من أهل العلم أن الرواية السابقة لا تصح لأن بختنصر هو الذي نكّل ببني إسرائيل في المرة الثانية بعد زمن عيسى عليه السلام؛ لأنه قول مخالف للمعتمد في التاريخ أن بختنصر كان قبل عيسى عليه السلام بزمن طويل جدا.

- وقال ابن الأثير رحمه الله تعالى: " قد اختلف العلماء في الوقت الذي أرسل فيه بختنصر على بني إسرائيل، فقيل: كان في عهد إرميا النبي، ودانيال، وحنانيا، وعزاريا، وميشائيل. وقيل: إنما أرسله الله على بني إسرائيل لما قتلوا يحيى بن زكريا. والأول أكثر " انتهى. "الكامل" (1 / 228).

ويحتمل جدا؛ أن يكون هناك تشابه في الألقاب، فيحتمل أن الملك الذي دمر بيت المقدس بعد زمن يحيى عليه السلام كان يلقب بـ "بختنصر"، لمشابهته لبختنصر الأول في القسوة والشدة والتخريب.

- وقال محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى في تفسيره: " ومن الغريب: أن ابن جرير الطبري قال في تفسيره: إن الآية – قوله تعالى: (مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) - في اتحاد المسيحيين مع "بختنصر البابلي" على تخريب بيت المقدس، مع أن حادثة بختنصر كانت قبل وجود المسيح والمسيحية بستمائة وثلاث وثلاثين سنة.

وعليه: فلا يوجد نص ثابت ينص على زمن بختنصر؛ وما ورد عن السلف في كونه بعد عيسى عليه السلام، فغالب الظن أنها أخبار مأخوذة عن أهل الكتاب، فيرجع الخلاف إلى روايات أهل الكتاب، وأهل التاريخ يرجحون الروايات القائلة بأنه كان قبل زمن عيسى عليه السلام.

والله تعالى أعلم