من أول من فسر الأحلام؟

سؤالٌ مثير للاهتمام؛ بسبب كثرة تفسيرات الأحلام وتنوعها.

وأجيبك بأنّه من البديهي أن تكون أول رؤيا هي من نصيب آدم -عليه السلام-؛ لأن الرؤيا لا يخلو منها أحد، وأيضا فإنّ الرؤيا من ضروريات النبوة؛ لأن الرؤيا هي إحدى طرق الوحي، والله -تعالى- كان يبلّغ أنبياءه عن طريق الرؤيا، كما جرى لإبراهيم -عليه السلام-: (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ)، "سورة فُصّلت: 102" وكذلك يوسف -عليه السلام-: (وَقالَ يا أَبَتِ هـذا تَأويلُ رُؤيايَ مِن قَبلُ قَد جَعَلَها رَبّي حَقًّا). "سورة يوسف: 100"

ونحن نعلم أن آدم نبيّ، وقد بيّن بعض العلماء أنّ الفرق بين النبي والرسول: هو أن النبي تكون نبوته وتبليغه عن طريق الرؤيا فقط، ولا ينزل عليه جبريل، وهذا الكلام وإن كان غير دقيق ولكنه دليل على أن الأنبياء لا بدّ لهم من الرؤيا.

وقد قال الإمام ابن سيرين في كتاب الأحلام المنسوب إليه: "وأول رؤيا في الأرض رؤيا ‌آدم -عليه السلام-"، وقد ذُكر في إحدى الإسرائيليات عن وهب بن منبه يقول: "أوحى الله -تعالى- إلى ‌آدم -عليه السلام- إنك قد نظرت في خلقي، فهل رأيت لك فيهم شبيها؟ قال: لا، يا ربّ، وقد كرمتني، وعظمتني، فاجعل لي زوجاً تشبهني أسكن إليها، حتى توحدك وتبعدك معي، فقال الله -تعالى- لهُ: نعم، فألقى عليه النعاس، فخلق منه ‌حواء على صورته، وأراه ‌في ‌منامه ذلك، وهي أول رؤيا كانت في الأرض، فانتبَهَ، وهي جالسة عند رأسه، فقال له ربه: يا ‌آدم، ما هذه الجالسة التي عند رأسك؟ فقال له ‌آدم: الرؤيا التي أريتني ‌في ‌المنام، يا إلهي".

فقول آدم -عليه السلام-: "الرؤيا التي أريتني في المنام، يا إلهي" هو بيان لتاويل الرؤيا، وهي تشبه قول يوسف -عليه السلام-، كما قال الله -تعالى- على لسانه: (وَقالَ يا أَبَتِ هـذا تَأويلُ رُؤيايَ مِن قَبلُ قَد جَعَلَها رَبّي حَقًّا). "سورة يوسف: 100"

وبهذا يكون آدم -عليه السلام- أول من رأى رؤيا، وأول من فسّر الرؤيا.