تعود تسمية رسم المصحف الشريف باسم الرسم العثماني أو الخط العثماني نسبة إلى الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، فقد كان أول من أمر بنسخ القرآن الكريم وتدوينه في المصاحف، وكان ذلك أثناء فترة خلافته -رضي الله عنه- في المدينة المنورة.
ويعود السبب في ذلك إلى أن الصحابة في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفي زمن الخليفة أبو بكر وعمر بن الخطاب، كانوا يكتبون القرآن المنزّل على سيدنا محمد في صحفهم، وعند وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، قام أبو بكر الصديق بجمع المصحف، فأمر الناس أن يأتوا بكل النسخ الموجودة عندهم ووكلّ في ذلك كتّاب الوحي وهم: عليّ بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وأُبَيّ بن كعب، وعثمان بن عفَّان.
فبقي المسلمون على هذا الجمع إلى زمن الخليفة عثمان بن عفان، فشهد عهده توسع الدولة الإسلامية، مما أدى إلى دخول أعداد كبيرة في الإسلام، بعضهم من العرب، والبعض الآخر من العجم، فأدى ذلك إلى اختلاط المجتمع الإسلامي، واختلط العرب بالأعاجم، واختلطت اللهجات وأصبح العالم الإسلامي ضخمًا يموج بمختلف الأجناس، فشاع اللحن وكثر الغلط بكثرة القراءات التي نتجت عن أن كل قبيلة كانت تقرأ القرآن الكريم بلهجتها، باداعائهم أنها هي اللهجة الصحيحة المسموعة من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وكان سبب اختلافهم هو وجود صحف كتبها بعض الصحابة لأنفسهم، ولم يكن بينهم الكتاب الذي جمعه أبو بكر في زمنه، مما دعت الحاجة إلى ضبط القرآن الكريم بالشكل والحركات للمحافظة على القرآن ولكي لا يضيع منه شيئا، أو يتفرق بين الناس، فأمر الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بنسخ المصحف آنذاك، فوكّل بذلك، زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث -رضي الله عنهم-، وذلك ليكون بعيداً عن التحريف والتبديل والخطأ، وأقره في ذلك جميع الصحابة والتابعين وأهل العلم.
وعلى هذا، ذهب بعض أهل العلم إلى أن الرسم العثماني للقرآن الكريم توقيفي، أي نسبوا هذا التوقيف إلى سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وعلى ذلك فيجب الأخذ به.
وذهب البعض الآخر من العلماء إلى أن الرسم العثماني ليس توقيفيًا عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، إنما هو اصطلاح تَلقَّتْهُ الأُمة بالقبول، وتوارثته بعد أن ارتضاه عثمان بن عفان والصحابة. والأُمة ما زالت إلى اليوم تُحافظ على هذا الرسم في كتابة المصحف ونشره، ولا يجوز لأحد مخالفة هذا الرسم.