ماهي نظرية التعلم الأكثر كفاءةً في العملية التربوية؟

1 إجابات
profile/أريج-عالية-1
أريج عالية
educational consultant في freelance (٢٠١٨-حالياً)
.
١٠ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
   يشهد العالم العديد من التطورات الحاصلة في العملية التربوية، وخاصة مع تحول التعليم إلى التعليم الإلكتروني بكافة أشكاله. ومن هنا، علينا شكر من وضع الأسس التعليمية التعلمية، ووضع أقدامنا كمعلمين على طريق التعليم القويم والهادف والفعال. لقد قامت العملية التعليمية على العديد من نظريات التعلم، ولكل منها مريدين ومؤيدين ومنتقدين. لكنني هنا سأطرح أهم هذه النظريات والتي لا تزال الآن تستخدم ضمن نطاقات تعليمية تربوية واسعة. وقد استند بعضها لعلوم الاجتماع والنفس والفلسفة، والتي ساهمت في تشذيب وتطوير هذه النظريات لتتبلور إلى ما وصلت إليه في الوقت الحالي.

  سنستعرض الآن أربعًا من هذه النظريات: السلوكية والمعرفية والبنائية والترابطية الاتصالية. لكن علينا أن لا نهمش دور نظريات الجشطالت والاقترانية والسوسيوبنائية والتعليم التجريبي وتعليم المنتسوري وغيرها. يمكنك التعرف أكثر  على جميع النظريات من خلال الاطلاع على مخطط نظريات التعلم.

نظريات التعلم الأكثر شهرة:

1. السلوكية:

نشأت هذه النظرية من القرن التاسع عشر، وكان أشهر منظريها العالم سكينر وثوريندك وجثري وبافلوف وواطسون. فكرة السلوكية تنطلق من أن التعلم هو تغيير السلوك بسبب اكتساب أو تعزيز أو تطبيق الارتباطات ما بين محفزات البيئة والاستجابات الفردية الملحوظة. اهتم علماء السلوك بأي تغيرات سلوكية قابلة للقياس. فالسلوكيات تتأثر وتتعلم من القوى الخارجية بدلاً من القوى الداخلية. تفترض السلوكية أن المتعلم هو في الأساس سلبي، وسيتم تشكيله من خلال التعزيز الإيجابي أو السلبي. طرح ثورينديك بعض الأفكار منها: (1) يتم تعزيز الاستجابة للحافز عندما يتبعه تأثير إيجابي مجزي. (2) تصبح الاستجابة للحافز أقوى من خلال التمرين والتكرار. وجه نظر ثورينديك تشبه البرامج المستخدمة في التمرين أو التدريب ثم الممارسة. أما سكينر طرح نوع آخر من السلوكيات يسمى التكييف الفعال، فمكافأة الأجزاء الصحيحة من السلوك الأكثر تعقيدًا تعززه وتشجع على تكراره. لذلك، تتحكم المعززات في حدوث السلوكيات الجزئية المرغوبة. يعرف سكينرالتعلم على أنه التقريب التدريجي أو المتتالي للسلوكيات الجزئية المقصودة من خلال استخدام الثواب والعقاب. أفضل تطبيق لنظرية سكينر هو التعليمات المبرمجة فيتم حيث يتم تحديد التسلسل الصحيح للسلوكيات الجزئية التي يجب تعلمها من خلال تحليل المهام المفصل. يمكن للمعلمين في الفصل الدراسي الاستفادة من التعزيز الإيجابي لمساعدة الطلاب على تعلم المفهوم بشكل أفضل من خلال تقديم ملاحظات وتغذية راجعة فورية، سواء كانت إيجابية أو سلبية. كما يمكن أن يتضمن التعزيز الإيجابي أو المكافآت ردود فعل لفظية مثل هذا رائع ومن المرجح أن يحتفظ الطلاب الذين يتلقون تعزيزًا إيجابيًا بالمعلومات في المستقبل. لذلك، فإن طرق التدريس المفضلة لديها هي إلقاء المحاضرات وقراءة الكتب المدرسية. فالمتعلم متلقي سلبي للمعرفة من قبل المعلم.

2. المعرفية أو الإدراكية:

أو ما يعرف باسم التعلم المعرفي، ومن أشهر منظريها العظيم بياديه. بدأ علم النفس المعرفي في أواخر خمسينات القرن الماضي. حيث أصبحت النظرة للمتعلمين على أنهم معالجون للمعلومات. وقد ازداد الاهتمام بهذه الفكرة بسبب ظهور الحواسيب ومعالجاتها، والذي تم تشبيهه بالعقل البشري. فالتعلم في هذه النظرية هو اكتساب المعرفة من قبل المتعلم ثم معالجتها من خلال عمليات معرفية ليخزنها بالذاكرة. ركز بياجيه في عمله على البيئات والهياكل الداخلية وتأثيراتها على التعلم. تقترح النظرية المعرفية أن الأفكار الداخلية والقوى الخارجية كلاهما جزء مهم من العملية المعرفية. تؤثر نظرية التعلم المعرفي على الطلاب لأن فهمهم لعملية تفكيرهم يمكن أن يساعدهم على التعلم. يمكن للمدرسين أن يمنحوا الطلاب فرصًا لطرح الأسئلة والفشل والتفكير بصوت عالٍ. يمكن أن تساعد هذه الاستراتيجيات الطلاب على فهم كيفية عمل عملية التفكير الخاصة بهم، واستخدام هذه المعرفة لبناء فرص تعلم أفضل.

تركز النظرية المعرفية على ما يحدث في العقل مثل التفكير وحل المشكلات. تبنى المعرفة الجديدة على المعرفة القبلية، ويحتاج المتعلمون إلى أن يكونوا متعلمين نشطيين ليتعلموا. يتم ملاحظة التغييرات في السلوك، ولكن فقط كمؤشر لما يحدث في ذهن المتعلم. تستخدم استعارة العقل كجهاز كمبيوتر: تأتي المعلومات وتُعالج ويحدث التعلم. أما المتعلم النشط من خلال استقبال المعلومات وفهمها ومعالجتها وتخزينها لاستدعائها حين الحاجة.

3. النظرية البنائية:

ظهرت في السبعينيات والثمانينيات، فالمتعلمون ليسوا متلقين سلبيين للمعلومات، لكنهم يبنون معرفتهم بنشاط في التفاعل مع البيئة ومن خلال إعادة تنظيم هياكلهم العقلية. لذلك يُنظر إلى المتعلمين على أنهم صانعو المعنى، لا يقومون فقط بتسجيل المعلومات المعطاة ولكنهم يقومون بتفسيرها. فالطلاب ينشئون التعلم الخاص بهم بناءً على خبرتهم السابقة. يأخذ الطلاب ما يتعلمونه ويضيفونه إلى معارفهم وخبراتهم السابقة، مما يخلق واقعًا فريدًا يناسبهم فقط. التعلم هنا عملية نشطة وشخصية ومختلفة النوع من طالب لآخر.

أدت هذه النظرة إلى التعلم إلى التحول من استعارة "اكتساب المعرفة" إلى استعارة "بناء المعرفة". كانت الأدلة المتزايدة الداعمة للطبيعة البناءة للتعلم متوافقة أيضًا مع العمل السابق للمنظرين المؤثرين مثل جان بياجيه وجيروم برونر ودعمها.

يمكن للمعلمين استخدام البنائية للمساعدة في فهم أن كل طالب سيحضر ماضيه إلى الفصل كل يوم. يعمل المعلمون في الفصول الدراسية البنائية كدليل لمساعدة الطلاب على إنشاء التعلم والفهم الخاص بهم. إنهم يساعدونهم في إنشاء عمليتهم الخاصة وواقعهم بناءً على ماضيهم. هذا أمر بالغ الأهمية لمساعدة أنواع كثيرة من الطلاب على اكتساب خبراتهم الخاصة وإدراجها في تعلمهم.

تعتبر نظرية فيجوتسكي (1978) إحدى أسس البنائية. التي تؤكد على ثلاثة مواضيع رئيسية:

* يلعب التفاعل الاجتماعي دورًا أساسيًا في عملية التطور المعرفي. شعر فيجوتسكي بأن التعلم الاجتماعي يسبق التطور وقال: كل وظيفة في التطور الثقافي للطفل تظهر مرتين: أولاً، على المستوى الاجتماعي، وبعد ذلك على المستوى الفردي؛ أولاً، بين الناس (بين نفسهم) ثم داخل الطفل (داخل نفسه).

* (MKO) أو المنطقة الأكثر دراية ومعرفة ( More knowledge able other): هو نوع من الشرح الذاتي؛ يشير إلى شخص لديه فهم أفضل أو مستوى قدرة أعلى من المتعلم، فيما يتعلق بمهمة أو عملية أو مفهوم معين. فيجب أن يكون لديهم (أو أن تتم برمجتهم) على معرفة أكثر عن الموضوع الذي يتم تعلمه أكثر من معرفة المتعلم.

*  منطقة النمو الحدي أو منطقة التنمية القريبة ( ZPD): هذا مفهوم مهم يتعلق بالفرق بين ما يمكن للطفل تحقيقه بشكل مستقل وما يمكن للطفل تحقيقه بتوجيه وتشجيع من شريك ماهر. فهي المسافة بين قدرة المتعلم على أداء مهمة تحت إشراف الكبار و/ أو بالتعاون مع الأقران وقدرتهم على حل المشكلة بشكل مستقل.  وهي منطقة حدوث التعلم. يرى فيجوتسكي أن منطقة التنمية القريبة هي المنطقة التي يجب فيها إعطاء التعليمات أو التوجيه الأكثر حساسية - مما يسمح للطفل بتطوير المهارات التي سيستخدمها بعد ذلك بمفرده - تطوير وظائف عقلية أعلى.

ينظر فيجوتسكي أيضًا إلى التفاعل مع الأقران باعتباره طريقة فعالة لتطوير المهارات والاستراتيجيات. يقترح أن يستخدم المعلمون تمارين التعلم التعاوني حيث يتطور الأطفال الأقل كفاءة بمساعدة أقران أكثر مهارة - ضمن منطقة التطور القريب.

4. النظرية الاتصالية:

هي واحدة من أحدث نظريات التعلم التربوي، حيث تركز على فكرة أن الناس يتعلمون وينموون عندما يشكلون روابط. يمكن أن يكون هذا روابط مع بعضهم البعض، أو روابط مع أدوارهم والتزاماتهم في حياتهم. يمكن أن تكون الهوايات والأهداف والأشخاص جميعًا روابط تؤثر على التعلم. يمكن للمدرسين الاستفادة من الاتصال في الصف لمساعدة الطلاب على إجراء اتصالات مع الأشياء التي تثيرهم ومساعدتهم على التعلم. يمكن للمدرسين استخدام الوسائط الرقمية لإجراء اتصالات جيدة وإيجابية مع التعلم. يمكنهم المساعدة في إنشاء روابط وعلاقات مع طلابهم ومع مجموعات أقرانهم لمساعدة الطلاب على الشعور بالحماس تجاه التعلم. تناقش النظرية الاتصالية أن التعلم هو شبكة من المعارف الشخصية التي يتم إنشاؤها بهدف إشراك الأفراد في التعليم وبناؤه وتدعيم التواصل والتفاعل عبر شبكة الويب كما تؤكد النظرية الاتصالية القائمة على مبدأ التشبيك على التعلم الرقمي عبر الشبكات، واستخدام أدوات تكنولوجيا الحاسوب والانترنت في التعليم.

برأيي الشخصي، ومن خلال خبراتي السابقة كمعلمة أولُا، ومستشارة تعليمية ثانيًّا، أن التعلم مرتبط بجميع النظريات السابقة. فلا يمكن فصلها عن بعضها البعض. فعند تقديمك للحصة فأنت تعتمد على معارف الطالب القبلية في تعلم المفاهيم الحالية (النظرية المعرفية والبنائية). كما ستقوم بعمل مجموعات تعاونية ليتم التفاعل المعرفي الجيد (البنائية والبنائية الاجتماعية). كما ستقوم يتعزيز طلبتك، وتقديم التغذية الراجعة والتعزيز بأنواعه (النظرية السلوكية). كما أنك ستستخدم التعلم الإلكتروني كجزء من المنظومة الحديثة وخاصة في التعلم عن بعض لإشراك طلبتك في التعلم عبر الويب (النظرية الاتصالية). لذا لا تقلق، جميع نظريات التعلم مرتبطة بميثاق غليظ لا يمكنك الفكاك منه. 😊

للمزيد عن نظريات التعلم، يمكنك متابعة الرابط التالي: https://www.learning-theories.com/

المراجع:

https://www.orientation94.org/uploaded/MakalatPdf/kutub/TAALOM.pdf

https://www.iedunote.com/learning-theories

https://www.educationdegree.com/articles/educational-learning-theories/

https://tomprof.stanford.edu/posting/1505

http://www.ibe.unesco.org/en/geqaf/annexes/technical-notes/most-influential-theories-learning#:~:text=The%20major%20concepts%20and%20theories,theory%20and%20community%20of%20practice