إذا التقطت مطرقة وبدأت بالضرب على قطعة معدنية، سوف تلاحظ حدوث تشوهات غير منتظمة، وإذا وضعت نفس القطعة بين فكيّ كماشتين وقمت بشدها، فسوف تلاحظ أيضًا حدوث استطالة غير منتظمة، هاتان العمليتان تعرفان باسم "الطرق والسحب"، وهما عمليتين تعتمدان على الخواص الكيميائية للعنصر، وبشكل أوضح، فهي تنطبق على الفلزات ولا توجد في اللافلزات.
والسحب مصطلح يُعبّر عن مدى استجابة المعدن للقوى المؤثرة عليه مثل الشد وذلك بإعادة تشكليه، وتوجد هذه الخاصية في المعادن الفلزية "الفلزات" مثل الذهب والنحاس والألمنيوم، فالمعادن القابلة للكسر أو التهشيم، لا تعتبر قابلة للسحب، لذا فهي خاصية مميزة تدرس سلوك المادة تحت تأثير إجهاد القص.
لماذا الفلزات؟
يرجع أساس عملية السحب إلى الخواص الفيزيائية، ففي الفلزات تؤدي القوة المؤثرة الخارجية إلى جعل الأيونات تتحرك عبر الإلكترونات الحرة، ما يجعل الفلز قابلاً للسحب، حيث أن الفلزات عناصر كيميائيّة تخسر عددًا من الإلكترونات لغايات تكوين أيونات ذات شحنة موجبة، وتنفرد بوجود رابطة فلزيّة بين ذراتها، ذلك يؤدي إلى جعل شكل الفلز يتغير ولكنه لا يتحطم.
اللافلزات غير قابلة للسحب.. لماذا؟
أما اللافلزات، فإن استجابتها للمؤثرات والقوى الخارجية ضعيفة جدًا، مما يؤدي إلى تكسيرها وتفتتها؛ فإذا طرقت طرقًا شديدًا على قطعة من الكربون فإنها تتهشم وتتحول إلى مسحوق مباشرة، بخلاف الطرق بشدة على قطعة من النحاس مثلًا، فإنها لا تتحول إلى مسحوق ولكنها تبدأ في الاستجابة إلى قوة الطرق لتتحول إلى صفيحة، وهذا يفسّر لماذا لا يوجد سلك من الكربون أو الكبريت، بينما يوجد أسلاك من النحاس أو الحديد.
كيف تحدث العملية؟
تؤدى القوة المؤثرة الخارجية إلى جعل الأيونات تتحرك عبر الإلكترونات الحرة مما يجعل الفلز قابلاً للطرق والسحب، ويرجع ذلك إلى طبيعة البنية البلورية للفلز والتى تترابط ذراته بروابط فلزية، وهي عبارة عن انفصال للإلكترونات الحرة عن ذراتها، لتنشأ سحابه إلكترونية حرة متحركة بين كاتيونات الفلز تمنع التنافر بينها بل وتؤدى إلى ترابطها.
من جهة أخرى، تعتمد خواص الفلزات مثل الصلابة وتوصيل الكهرباء ودرجتي الانصهار والغليان وقابليتها للسحب بدرجة كبيرة على قوة وطبيعة الروابط الفلزية، فعلى سبيل المثال، توجد الروابط الفلزية القوية في الفلزات الانتقالية ، ومنها الكروم والحديد والنيكل، في حين أن الفلزات القلوية لينة؛ لأن لها إلكترونًا واحدًا حر الحركة.
وتجدر الإشارة إلى أن الرابطة الفلزية ليست رباطًا ماديًا ولكنها مجرد تجاذب كهربائي يختلف فى شدته طبقا لعوامل متعددة، منها عدد الإلكترونات الحرة التى تختلف من فلز لآخر، وحجم الذرات و شكل الشبكة البلورية للفلز، إضافة إلى الفراغات أو المسافات البينية، ولأن الترابط بين ذرات الفلز ليس ترابطًا ماديًا لذا فهذا يعطي الأيونات حرية الحركة، وبالتالي عند تعرض الفلز لسحب شديد سوف تحدث عملية انزلاق لصف من الذرات إلى جوار صف آخر، مما يؤدي إلى تحول الفلز إلى سلك فى حالة السحب.
ـــــــــــــــــــــــ
المصادر :