المقصود بهذه العبارة
(فقد برئت منه ذمة الله) أي برء منه ضمان الله وحفظه وعهده وكفالته ورعايته وأمان الله تعالى.
-
لأن الذمة: هي
كلّ حرمة يلزمك إذا ضيَّعتها ذنب، قال الله تعالى: ﴿ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾سورة براءة: 8
- فالذمة هي عبارة عن التزام الشخص بشيء يتعهد بالقيام به على أكمل وجه وبكل إتقان وإخلاص - فهي محل الضمان والوجوب على الشخص -، فعدما يفرط به كأنه تخلى عن عهدة وما التزم به في ذمته - وبالتالي فيكون الجزاء من الله تعالى من جنس العمل بأن يتخلى الله تعالى عن الشخص الذي ترك ذمته وتخلى عنها !!
-ولقد وردت هذه العبارة في عدة أحاديث وكلها تؤكد على براءة الله تعالى ممن يترك الصلاة متعمداً منها:
- عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشرِكْ باللهِ شيئًا وإن قُطِّعتَ أو حُرِّقتَ
ولا تتركنَّ الصَّلاةَ المَكتوبةَ مُتعمِّدًا ؛ ومَن تركَها مُتعمِّدًا برِئتْ منهُ الذِّمَّةُ ، و لا تشربنَّ الخمرَ؛ فإنَّها مفتاحُ كلِّ شرٍّ ، وأطِعْ والدَيْكَ، وإنْ أمراكَ أنْ تخرجَ مِن دُنياكَ.... الحديث) حسنه الألباني.
- فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم -: (فقد برئِت منه الذّمَّة) أي لا ذمَّة له، ولا عهد.
- وعكس براءة الذمة من الله تعالى للعبد هو منح وإعطاء الذمة لمن يصلي وخاصة صلاة الفجر في جماعة. فقد ورد في الحديث الصحيح: (
من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فيدركه، فيكبه في نار جهنم) رواه مسلم.
- والمقصود في ذمة الله تعالى: أي في أمان الله تعالى وحفظه وجواره وأمنه، وقد استجار بالله تعالى والله تعالى قد أجاره فلا يستطيع أحد أن يؤذيه أو يضره أو يظلمه، ومن فعل ذلك فإن الله تعالى يطالب هذا إلى أذاه وظلمه بحقه، ومن يطلبه الله تعالى فلا مفر له من عدالة الله وحسابه وعقابه.
- وعادة العرب تجير المستجار بها ولا تسمح لأحد أن يعتدي عليه والقرآن قد أجاز حتى إجارة المشرك!!!
- فكيف إذا كان المجير هو الله تعالى، فمن يعتدي على من هو في ذمة الله تعالى كمن يعتدي على الله تعالى!!!
- وعليه: فذمة الله يعني هو في حفظ الله وحراسته ومعيته وعونه فلا يستطيع أحد من البشر أن يضره، وإذا مات من يومه - إذا صلى الفجر في جماعة وهذا فيه حث على صلاة الفجر - فقد مات على الفطرة وكان من أهل الجنة إن شاء الله تعالى.
- والخلاصة: نلاحظ أن محور الحديث حول الذمة من حيث منحها أو سلبها هو الصلاة المكتوبة بشكل عام وصلاة الفجر بشكل خاص !
- وهذا يعطينا درساً مهماً في أهمية الصلاة في ديننا وفي حياتنا وفي حفظنا ورعايتنا وكفالتنا وأماننا من الله تعالى أو عدم تحصيل هذه المنح الربانية يومياً.
- فمن حافظ على الصلاة كانت له نوراً وبرهاناً يوم القيامة، وكانت له في الدنيا علامة ودلالة على أنه مؤمن وعلى حفظ الله تعالى له ولماله ولأسرته ولرزقه ولكل شؤون حياته.
- المصدر :
موقع الألوكة الشرعية