وراء الكواليس
الرائحة المنعشة للملابس النظيفة، رائحة الحمضيات في عطرك المفضل وزيت الاسترخاء في حمامك الليلي؛ فالعطر في هذه المنتجات وغيرها أصبح جوهرياً وهو جزء من حياتنا قد يوقظنا ويهدئنا ويُريحنا فعطر المساء قد يختلف عن عطر الصباح، وعن عطر الشعر وعطر الأطفال. ووراء كل هذه الروائح التي تُوقظ أحاسيس الشم المختلفة كيمياء رائعة يعمل فيها الكيميائين سويا مع العطارين لتصل هذه الزجاجة العطرية إلى يديك.
"ما يخلق الرائحة هي تلك الخلايا في أنفك التي تميز الجزيئات المتبخرة وترسل رسائل كهربائية إلى عقلك، ما يخلق إدراكاً حسياً للروائح"،
فالرائحة العطرية بصورة أساسية هي عبارة عن جزيئة خفيفة بما يكفي لتتبخر في الهواء ولكن تكون بدرجات قوة مختلفة وكل منها لها نكهة خاصة فيها مثلا:
ذات رائحة فاكهي أي أنها تشبه رائحة الفواكه بما فيها الحمضيات، أو ذات رائحة خشبية أي تشبه إحدى أصناف الخشب المختلفة.
وهنالك بعض الروائح العطرية التي صُنفت على أساس بعض المجموعات الكيميائية مثل فينولي، لاكتوني، ألدهيدي وكل منهم له خصائص عطرية تعود في أساسها إلى خصائص المجموعة الكيميائية التي جاء منها.
أما التركيب الكيميائي للعطور فهو مستمد من ثلاث مكونات رئيسية في الغالب وهي:
- الزيت العطري
- الكحول والماء
- مثبتات العطور
الزيوت العطرية أو العطر
تُستخلص الزيوت إما صناعياً أو طبيعياً وذلك بعد فصلها كيميائياً أو تبخيرها أو عصرها من النبات أو الأزهار أو الفاكهة أو التوابل أو الأخشاب، حيث تُؤخذ من أماكن تواجدها ويتم اختيارها حسب نوع العطر المطلوب ويتم ذلك:
- إما بطريقة التقطير بالبخار steam distillation، حيث يتم فيها وضع الأجزاء العطرية من النبات أو الأزهار مع الماء وتسخن حتى يتصاعد بخار الماء المحمل بالزيت العطري لهذا النبات أو الأزهار، ثم يدخل بخار الماء على نحو مستمر داخل أنابيب مبردة ليتكاثف مجددا لفصل الزيت العطري عن الماء.
- أما طريقة العصر Expression وهي تُعتبر من الطرق القديمة والشائعة خاصة في زيوت الحمضيات، وذلك بتعريضها للضغط اليدوي أو الميكانيكي. وتوجد طرق أخرى للإستخلاص كاستخدام المذيبات العضوية الطيّارة وغير الطيّارة،
والاستخلاص باستخدام التحلل المائي الإنزيمي
والاستخلاص عن طريق غاز CO2.
هذا بالنسبة للزيوت العطرية الطبيعية ولكن عددها محدود في الطبيعة لذا توجه الكيميائيون لاستخدام المواد الكيميائية الصناعية؛ للحصول على رائحة زيتية تكون مشابهة للروائح الطبيعية وأخرى تكون مبتكرة جداً مثل المسك الصناعي ورائحة شبيهة باللوز وهو الأساس في تركيب زيت اللوز.
في ختام إجابتي فإن العطر ليس مجرد زجاجة ترش منها عند الخروج، بل إن العطر أعمق من ذلك بكثير فقد ثبت علمياً أن العطر الحيوي المنعش محفز ومحسن للنفسية، يعي تماماً مصممي العطر هذا الأمر حيث أنهم يبتعدون عن مكونات العطور التي تبث السلبية والذكريات الحزينة من أجل مبيعات أكثر طبعاً.
وثبت أن كيمياء العطر علاجاً فعالاً للأرق والاكتئاب حيث أن عطراً يحتوي على اللافندر مثلاً يُنصح برشه قبل النوم وذلك بسبب تفاعل الدماغ مع مثل هذه الرائحة المهدئة ويعلم أيضاً مصممي العطور هذا الأمر وعلى أساسه تبتكر العطور الحديثة، حيث أن مقدمة العطر دائماً ما تحتوي على روائح محبذة للجميع منعشة وغير منفرة مثل روائح الحمضيات حتى يتم اختيار العطر من أول رشة، تأتي بعدها قلب العطر والتي تحتوي على إبداع المصمم ولمسته وفيها يكون محتوى العطر واضحاً ومختلفاً ثم تأتي قاعدة العطر لتكمل اللوحة العطرية وتزيد من إبداع المصمم بعطره.