الذي جاء في النصوص الشرعية عن طي الأرض هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من ضمن حديث طويل (وعليكم بسير الليل؛ فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار...) (ابن مالك في الموطأ وغيره).
وروى أبو داود وغيره من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (عليْكم بالدُّلجةِ فإنَّ الأرضَ تُطوى باللَّيلِ) (صححه الألباني).
فهذا الحديث فيه إرشاد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا أن أفضل أوقات السفر هو أول الليل - وهو معنى الدلجة- لأن هذا هو أشد الأوقات إعانة للمسافر على قطع الطريق في أسرع وقت وطي المسافات وإنجازها، لما فيه من انكسار حرارة الشمس وبرودة الجو مما يساعد على السير ويجعله ميسورا وينشط الإنسان والدابة ويعينهما على تحمل مشقة السفر أكثر.
بينما السفر في النهار مع شدة الحر يزيد من مشقة السفر مشقة على مشقة وصعوبة على صعوبة، وهو مكسل للمسافر ودابه ومؤذ لهما مما يدفعهما إلى الاستراحة فيه.
فالطي المقصود في الحديث هو طي معنوي معناه سرعة قطع المسافات وطيها، وفي من خلال السفر ليلاً.
قال ابن عبد البر رحمه الله "معناه -والله أعلم- أن الدابة بالليل أقوى على المشي إذا كانت قد نالت قوتها واستراحت نهارها تضاعف مشيها، ولهذا ندب إلى سير الليل. والله أعلم.".
وليس في الحديث ما يدل أن المقصود منه هو الطي والانكماش الحسي بحيث أن المسافات تتقارب حقاً، وإن كان الله قادر على ذلك، لكن سياق الحديث يدل على المعنى الذي ذكرناه.
وقد ورد في القرآن أن السماوات تطوى يوم القيامة حقاً والأرض تكون في فبضة الرحمن كما قال تعالى (والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه)
فالسماوات تكون في قبضة الرحمن وكفه يطويها الرب سبحانه كما تطوى الكتب كما جاء في الآية الأخرى (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب)، أما الأرض فإنها تكون كلها كأنها حلقة صغيرة جداً في كف الرحمن يوم القيامة، فوصفت بالقبض بينما وصفت السماوات بالطي.
والله أعلم