مسألة الدماغ المشطور Split mind تعني حدوث انفصال وتحرر الدماغ الأيمن من سيطرة الدماغ الأيسر. بأن تكون للدماغ الأيمن إرادته الخاصة به والتي تعارض رغبات الدماغ الأيسر المسيطر.
باختصار ربما كانت هناك إرادتان تعملان ضمن جمجمة واحدة، تتصارعان أحياناً للتحكم في الجسم، يُخلق هذا الوضع الغريب حيث اليد اليسرى التي يتحكم فيها الدماغ الأيمن تبدأ بالتصرف بشكل مستقل عن تصرفاتك كأنها عضو غريب عنك.
يعتقد مرضى الدماغ المشطور أحياناً أنهم يعيشون في فلم كرتون، حيث تصارع إحدى اليدين في التحكم اليد الأخرى.
استنتج الدكتور روجر سبيري بعد دراسات مفصلة لمرضى الدماغ المشطور أنه من الممكن أن يكون هناك عقلان متمايزان يعملان في دماغ واحد. كتب: "إن كل نصف كرة هو حقا نظام واع بذاته، يدرك ويفكر ويتذكر ويحاكم ويرغب ويحس على مستوى بشري متميز وربما كان نصفا الكرة الأيمن والأيسر كلاهما واعيين في الوقت ذاته بخبرات عقلية مختلفة وحتى متعارضة تسير بعضها مع بعض بشكل متواز."
بعد إجراء تجارب ودراسات على مرضى الدماغ المشطور تبين أن كل فص من الدماغ يجيب عن أسئلة معينة بطريقة مختلفة تماما عن الفص الآخر.
تكتب ريتا كارتر: "أن المعاني المتضمنة هنا مثيرة حقاً، إنها تقترح أننا ربما نحمل في جماجمنا سجيناً صامتاً له شخصيته، وطموحه ووعيه الخاص به. والذي يختلف عن الكائن الذي نعتقد أنه يمثلنا من يوم إلى آخر."
يصف عالم الأعصاب راماتشاندران مريضاً بدماغ مشطور سُئل عمّا إذا كان مؤمنا أم لا، فأجاب بأنه ملحد، لكن دماغه الأيمن صرّح بأنه مؤمن. يبدو أنه من الممكن أن يكون هناك إعتقادان دينيان مختلفان في دماغ واحد، يتابع راتشامندران " إذا مات هذا الرجل. ما الذي سيحدث؟ هل سيذهب نصف كرة دماغه إلى الجنة والنصف الآخر إلى النار؟ لا أعرف الجواب على هذا السؤال"المصدر: كتاب مستقبل العقل - ميشيو كاكو
ابتكر دكتور الأعصاب أنطونيو إيجاس مونيز، عملية بَضع الدماغ أو الجراحة الفصية عام 1935، حصل على جائزة نوبل عليها مناصفة مع أحد زملائه المطورين للطريقة. اعتمدت على فصل فصيّ الدماغ بحيث تساعد من يعانون من الوسوسة القهرية والاكتئاب وانفصام الشخصية.
في بادئ الأمر أثبتت فعاليتها لسنوات، لكن بدأ سلوك المتعافين يتغير بالتدريج للحدّة والعنف، وفي أحيان كثيرة يصل إلى اللامبالاة والبرود العاطفي والهدوء.
كان أول الرافضين لهذا النوع من العمليات هو الاتحاد السوفيتي، قالوا بأنها تحوّل المرضى من مجانين إلى معتوهين. وعندما يحدّثك جوزيف ستالين في خطبة أخلاقية عن خطورة هذه العملية، اعلم أننا وصلنا لحالة يُرثى لها. مُنع بضع الدماغ بالتدريج إلى أن اختفت. وقد علق الدكتور والتر فريمان عليها، بأنها العملية التي تعيد المريض طفلاً.
المصدر: كتاب خراب - مارك مانسون.