ماذا أفعل إذا حلفت على المصحف أن لا أفعل شيء لكن فعلته؟

2 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٠ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
الحلف على المصحف لا يجوز شرعاً ، وذلك حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب، وهو يسير في ركب، يحلف بأبيه، فقال: (ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت) أخرجه البخاري.

ولكن إذا اضطر للحلف على المصحف وطلب منه ذلك لبيان صدقه من كذبه وكان صادقا جاز له أن يضع يده على المصحف ويحلف بالله تعالى.

وحلف اليمين ثلاثة أنواع:

النوع الأول : اليمين اللغو
وهي الجارية على اللسان من غير قصد, فلا كفارة فيها عند أكثر أهل العلم، والدليل:

-قول الله تعالى: ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم) سورة البقرة:225

-قال ابن قدامة في المغني: (ومن حلف على شيء يظنه كما حلف، فلم يكن، فلا كفارة عليه؛ لأنه من لغو اليمين) أكثر أهل العلم على أن هذه اليمين لا كفارة فيها ، فاليمين التي تمر على لسانه في عرض حديثه، من غير قصد إليها، لا كفارة فيها، في قول أكثر أهل العلم ; لأنها من لغو اليمين، نقل عبد الله عن أبيه، أنه قال: اللغو عندي أن يحلف على اليمين، يرى أنها كذلك، والرجل يحلف فلا يعقد قلبه على شيء.

-قال ابن تيمية وابن القيم وابن حزم: أنها ما جمعت أمرين: ما يجري على لسان المتكلم بلا قصد، واليمين التي يحلفها يظن صدق نفسه، فتبين الأمر في الواقع على غير ما كان يظن، وسواء كان في الماضي أو الحال أو المستقبل.

النوع الثاني : اليمين المنعقدة
وهي أن تحلف على شيء مستقبلا أنك ستفعله ، وهذا اليمين فيه كفارة عند الحنث به، والدليل:

قول الله تعالى: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون) سورة المائدة:89.

النوع الثالث : اليمين الكاذبة ( اليمين الغموس )
وهي الحلف على شيء مضى كذباً ويعلم أنه كاذب ، وسميت غموساً لأنها تغمس صاحبها في النار إذا اصر عليها ولم يتب منها توبة صادقة.
وعليه فإذا حلفت على المصحف وكنت كاذباً فيعتبر يمين غموس وهي التي تغمس صاحبها في جهنم ، ومن شدة خطورة هذا اليمين فليس له كفارة ، إنما كفارته التوبة الصادقة بشروطها المعروفة وهي:

1- النية الصادقة الخالصة لوجه الله تعالى.
2- الإقلاع عن الذنب.
3- الندم على الذنب والحلف الكاذب والإستفغار منه.
4- العزم الأكيد على عدم العودة إلى الحلف الكاذب.
5- أن تكون التوبة قبل الغرغرة  أو سكرات الموت ، وكذلك قبل طلوع الشمس من مغربها.
6- رد المظالم إلى أهلها بسبب هذا اليمين الكاذب.
7- العمل الصالح الذي يدل على صدق التوبة.

وحري بالمسلم أن يحذر من كثرة الحلف في قوله وفي بيعه أو شراءه أو في عمله بغرض كسب المواقف وتحصيل المطلوب ، وقد حذرنا الله تعالى من كثرة الحلف فقال تعالى: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) سورة البقرة  (224)

وحتى عند التقوى والبر والإصلاح بين الناس فلا ينبغي لك أن تحلف أو تكثر في الحلفان أو أن تجعله وسيلة لذلك.

فكيف بمن يقسم بالله كذباً ويضع يده على المصحف من باب التوكيد والتعظيم فعليه أن يتقي الله تعالى في هذا الكذب - وإذا تعمد ذلك فيكون حلفه هذا كبيرة من الكبائر - والذي يجب عليه أن يتوب منها فوراً حسب الشروط السابقة أعلاه.

وخلاصة القول : عليك أن تجدد التوبة الخالصة لله تعالى وفق شروطها السابقة ، وأن لا تعود لمثل هذا الحلف مطلقاً إلا إذا طلب منك القاضي في المحكمة فعل ذلك وكنت صادقاً في قولك. 

  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة
profile/بيان-محمد-الحبازي
بيان محمد الحبازي
المصارف الاسلامية
.
١٨ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
نوضح للسائل بدايةً حكم الحلف على المصحف:

 أجمع الفقهاء على عدم جواز الحلف على المصحف لغير حاجة، أما إذا كان القصد تعظيم اليمين وتغليطه فيجوز له ذلك.

لأن الحلف على المصحف لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يرد عن الصحابة -رضوان الله عليهم-، إنما هو من البدع التي استحدثها القضاة بعد زمن الصحابة تغليظاً لليمين، والتشديد على الظالمين ليكون أشد ردعاً وأكثر تخويفاً لهم من الكذب، لأنه بمجرد ما حلف الإنسان بالله تعالى انعقد يمينه ولا يشترط لذلك الحلف على المصحف.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" الحلف وهو اليمين والقسم: لا يجوز إلا بالله تعالى أو صفة من صفاته...، وإذا حلف بالله سبحانه وتعالى: فإنه لا حاجة إلى أن يأتي بالمصحف؛ ليحلف عليه، فالحلف على المصحف أمر لم يكن عند السلف الصالح، لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة، حتى بعد تدوين المصحف لم يكونوا يحلفون على المصحف، بل يحلف الإنسان بالله سبحانه وتعالى بدون أن يكون ذلك على المصحف"
.

أمّا إن فعلها المسلم قاصدًا لها، ثم لم يفعل بالأمر الذي حلف به، فهنا ينعقد اليمين، وتنعقد عليه أحكام اليمين من التوبة وأداء الكفارة، فعلى الحالف التوبة إلى الله تعالى توبة نصوحة، بالندم على ما فعل، وشعوره بالذنب تجاه المعصية التي ارتكبها (وهي حلف اليمين)، ثم الإقلاع عن فعل هذا الذنب، بأن يمتنع عن الحلف إلا لضرورة قصوى، وعدم التهاون في ذلك، وعزمه على ألّا يكرر مثل هذا اليمين.

ثم يجب على المسلم الذي يحلف يمينًا ليس صادقًا به، أداء الكفارة الواجبة عليه، لقوله تعالى: (إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) المائدة 89

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"الواجب على من حلف على ألا يفعل معصية: أن يثبت على يمينه، وألا يعصي الله عز وجل، فإن عاد إلى المعصية مع حلِفه ألا يفعلها: فعليه كفارة يمين، وهي عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، والصوم لا يجزئ في كفارة اليمين إلا مَن عجز عن هذه الأشياء الثلاثة: العتق، والإطعام، والكسوة، وأما مَن قدِر: فلو صام ثلاثة أشهر: لا يجزئه.

كفارة اليمين: *
كفارة اليمين تأتي على ثلاث مراتب حسب قدرة الإنسان، وهي:

1- إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله، فيعطي كل مسكين نصف صاع من غالب طعام البلد، كالأرز ونحو، ومقداره كيلو ونصف تقريبا، وإذا كان يعتاد أكل الأرز مثلاً ومعه إدام وهو ما يسمى في كثير من البلدان (لطبيخ) ينبغي أن يعطيهم مع الأرز إداماً أو لحماً، ولو جمع عشرة مساكين وغداهم أو عشاهم كفى.

2- كسوة عشرة مساكين، فيكسو كل مسكين كسوة تصلح لصلاته، فللرجل قميص (ثوب) أو إزار ورداء، وللمرأة ثوب سابغ وخمار.

3- تحرير رقبة مؤمنة.

4- فمن لم يجد شيئا من ذلك، صام ثلاثة أيام متتابعة.


ومن هنا نذكر أنفسنا ونذكر أنفسنا بألّا يقدم الإنسان على الحلف إلّا لضرورة، وإن أمكنه عدم الحلف فليفعل، لقوله تعالى: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) سورة البقرة: 224
ولو حلف الإنسان على شيء سيئ ثمّ رأى الذي هو خير مما حلف عليه من ترك البر والإصلاح بين الناس، فليحنث في يمينه، وليبرَّ، وليتق الله، وليصلح بين الناس، وليكفّر عن يمينه.

المراجع: