من أهم النماذج على تحمل المسؤولية في حياة صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ما يلي:
أولاً: نوم علي بن أبي طالب رضي الله عنه في فراش النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، فكان.
ثانياً: رسول الله صلى الله عليه وسلم يربي أسامة بن زيد على يديه، ثم في سن السابعة عشرة يكلفه النبي صلى الله عليه وسلم قيادة جيش فيه أبو بكر وعمر، وينتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه وينفذ أبو بكر بعث أسامة فيتحمل المسؤولية ويمضي في مهمته ويعود منها محققا الغاية التي من أجلها أرسل الجيش وتعجب حين تعلم أن الصحابة كانوا يقولون لاحقا: ما رأينا أسلم من بعث أسامة؛ ذلك أن الله تعالى قد حفظ أفراد الجيش حتى رجعوا سالمين.
ثالثا: عندما قَدِم النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى المدينة، كان عبد الله بن عمر رضي الله عنه عمره إحدى عشرة سنة تقريبًا فكان يحضر مجالس الكِبار ويحضر مُناسبات المسلمين في المدينة، فلمَّا كبر أصبح علَمًا من أعلام المسلمين.
رابعا: ويروي الصحابي عبد الله بن عمر أنه قال كنا عندَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: "أخبِرُوني بشجرةٍ تُشبِه - أو: كالرجل - المسلم، لا يَتَحاتُّ ورقُها"، قال ابن عمر: فوَقَع في نفسي أنها النَّخلة، ورأيت أبا بكرٍ وعمر لا يتكلَّمان فكرهت أنْ أتكلَّم، فلمَّا لم يقولوا شيئًا قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "هي النخلة"، فلمَّا قمنا قلت لعمر: يا أبتاه، والله لقد كان وقَع في نفسي أنها النَّخلة، فقال: ما منَعَك أنْ تكلَّم؟! قال: لم أرَكُم تكلَّمون فكَرِهتُ أنْ أتكلَّم أو أقول شيئًا، قال عمر: لأنْ تكون قلتَها أحب إلَيَّ من كذا وكذا) رواه البخاري، ومسلم.
خامسا: وفي فهم الصحابي عمر بن الخطاب وتحمله للمسئولية فعندما أرسل الصحابي عمر بن الخطاب إلى معيقب أحد عماله على بيت المال وكان في وقت الظهيرة،
وكان عند عمر ولده عاصم، فيقول عمر لمعيقيب: أتدري ما صنع هذا؟ إنه انطلق إلى العراق فأخبرهم أنه ابن أمير المؤمنين، فأعطوه آنية وفضة ومتاعًا وسيفًا محلى. فقال عاصم: ما فعلت هذا، وإنما قدمت على ناسٍ من قومي فأعطوني هذا. فقال عمر: خذه يا معيقيب، فاجعله في بيت المال. فنراه قد ترفع عن المال العام
سادسا: ونبينا الكريم صلى الله عليه وسلم يربي أمته على الجد والعمل وتحمل المسئولية والعزة والاستغناء عن الناس: (فيقول لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه)
رواه (البخاري)
سابعا: كما صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال إن رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فقال: أما في بيتك شيء؟ قال: بلى، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب نشرب فيه من الماء، قال: ائتني بهما، قال فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال:
"من يشتري هذين؟ "قال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: "من يزيد على درهم؟" مرتين أو ثلاثا قال: رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري وقال:
"اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدوما فأتني به"، فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا بيده ثم قال له: اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما" فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع.