ورد في صحيح البخاري:
"حدّثنا الحميدي حدثنا الوليد حدثنا الأوزاعي، قال: سألت الزهري:
أي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم استعاذت منه؟ قال أخبرني عروة عن عائشة رضي الله عنها: أن
ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودنا منها قالت أعوذ بالله منك فقال لها: لقد عذت بعظيم الحقي بأهلك."
روى مالكٌ بن ربيعة أبو أسيد الساعدي كما في صحيح البخاري:
(خَرَجْنَامع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى انْطَلَقْنَا إلى حَائِطٍ يُقَالُ: له الشَّوْطُ، حتَّى انْتَهَيْنَا إلى حَائِطَيْنِ، فَجَلَسْنَا بيْنَهُمَا،
فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اجْلِسُوا هَا هُنَا ودَخَلَ، وقدْ أُتِيَ بالجَوْنِيَّةِ، فَأُنْزِلَتْ في بَيْتٍ في نَخْلٍ في بَيْتِ أُمَيْمَةَ بنْتِ النُّعْمَانِ بنِ شَرَاحِيلَ، ومعهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: هَبِي نَفْسَكِ لي قالَتْ: وهلْ تَهَبُ المَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ
[1]؟
قالَ: فأهْوَى بيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ، فَقالَتْ: أعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ،
فَقالَ: قدْ عُذْتِ بمعاذٍ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقالَ: يا أبَا أُسَيْدٍ، اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ، وأَلْحِقْهَا بأَهْلِهَا).
وقد ذكر أهل العلم أسباب لتعوّذها من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
- قال البعض: "أن فيها اضطراب."
- و قال آخرون: "أنها لم تكن تعرف النبي صلى الله عليه وسلم."
- و ذكر آخرون: "أنّ بعض زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أوهموها بأن النبي عليه الصلاة والسلام يُحب هذه الكلمة فقالتها تقرُبا فأعاذها النبي عليه الصلاة والسلام من نفسه."
- ومال جمْعٌ إلى أن "السبب هو تكبُرها."
وأيا كان السبب فما كان من النبي عليه الصلاة والسلام صاحب الخُلق العظيم و المقام الكريم إلا أن يُلبي رغبتها و يتركها لنفسها و يُلحقها بأهلها وألا يُجبرها كما يُصورُ أعداء الإسلام بأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يُكرههنَّ على الزَّواج منه أو يضطرهن لذلك -حاشاه عليه السلام- و هو المبعوث رحمة للعالمين.
[1] السوقة عندهم من ليس بملك كائنا من كان، فكأنها استبعدت أن يتزوج الملكة من ليس بملك