علينا في البداية تعريف مفهوم "التنمر"، حيث وجدت من سؤال البعض أنه لديهم فهم مغلوط عنه. فالبعض يختصره بالتعدي الجسدي، والبعض يختصره على الاعتداء اللفظي المباشر. بينما تعريف التنمر واقعيًا يختلف عن فهم معظم الناس عنه، بالرغم من أسبقيته على جميع الأصعدة والمستويات، وخاصة في المجتمعات العربية، حيث تميل الجماهير للتعامل مع التنمر بلا أُبالية وعدم اهتمام. ويبدأ التنمر من المجتمع الأسري المصغّر، لينتقل للمجتمع المدرسي والجامعي، ثم للمجتمع الوظيفي على المستوى الداخلي بين الموظفين، أو الخارجي بين الموظفين والجمهور.
أي سلوك عدواني متكرر يتضمن خلل في القوة. وتكون سلوكياته مباشرة مثل الضرب، الركل، السخرية، المضايقة الخبيثة، تسمية بأسماء أو ألفاظ غير مقبولة، أو غير مباشرة مثل نشر الشائعات، والاستبعاد الاجتماعي، والتلاعب بالصداقات، والتنمر عبر الإنترنت يعتبر تنمرًا. قد يميل البالغون لفهم التنمر كتبادل عدواني بين فردين (معتدٍ وضحية)، لكنه توسع ليصبح ظاهرة جماعية يساهم بها كل من المعتدين والضحايا والمراقبين والمدافعين.
[1] هنا قد نقف قليلًا لننظر كيف يتم التنمر على المواطن المراجع بمعاملة ضمن القطاع العام أو الخاص. قد يتنمر الموظف على المراجع بالسخرية منه، أو إطلاق الأسماء عليه، أو مضايقته بعدم استكمال معاملنه، أو رميها جانبًا أو في وجهه، أو جعله ينتظر لوقت طويل دون حاجة، أو تعطيل معاملته لمجرد سؤاله للموظف بشكل محترم.
وعلى الرغم من تغليظ العقوبات ضد من يتعدى على موظف عام بوجود أو عدم وجود سلاح، فوفقًا للتعديلات القانونية الأخيرة التي طرأت في عام 2017 على المادتين (185) و(186) من قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960 الذي أقر أنَّ "من ضرب موظفا أو اعتدى عليه أثناء ممارسته وظيفته أو من أجل ما أجراه بحكم وظيفته، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر. وإذا وقع الفعل على أحد من أفراد القوات المسلحة أو المخابرات العامة أو الأمن العام أو قوات الدرك أو الدفاع المدني أثناء ممارسته وظيفته، أو من أجل ما أجراه بحكمها، كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة". إلا أن القانون ضمن أيضًا حق المواطن في الحفاظ على إنسانيته وكرامته عند مراجعته لأي دائرة كانت، فما يُطبق على القطاع العام يسري على القطاع الخاص ضمن نظام الخدمة المدنية، فالمادة (67) من نظام الخدمة المدنية تنص على أنّ الوظيفة العامة مسؤولية وأمانة لخدمة المواطن والمجتمع، وعلى الموظف أن يلتزم بأحكام مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة التي أقرها مجلس الوزراء، وتلزم الموظف على التعامل مع الجمهور بلطف وكياسة واحترام وحياد وتجرد وموضوعية وعدالة، بعيدًا عن التمييز على أساس الجنس، أو العرق أو الدين أو أي نوع من أنواع التمييز. كما تحظر عليه القيام بأي تصرفات أو ممارسات أو أعمال تسيء إلى الأخلاق والآداب والسلوك العامين والإساءة للآراء والمعتقدات السياسية والدينية أو التحريض ضدها.
كما أن الموظف ضمن نظام الخدمة المدنية يعاقب على سوء التعامل مع المواطن بعدد من العقوبات التي تعتمد على طبيعة التعدي أو التنمر عليه، وعلى المواطن نفسه. فأعتقد أن التنمر على مواطن طبيعي والتنمر على مواطن عاجز أو من ذوي الاحتياجات الخاصة لا يتساويان.، حيث يتمكن المواطن الطبيعي من رد التنمر عليه، أو إهماله حتى يُنهي معاملته بأقل الخسائر الممكنة، وهذا ما كان يحدث معي وزوجي في بعض الدوائر الحكومية وليس أغلبها؛ حيث تجد الموظف الكفؤ المحترم، وتجد الموظف المتكبر والذي يعتبر نفسه صاحب سلطة عُليا، وأفضل من المواطن الذي يحتاج لتوقيعه الكريم. فما بالك لو كان المراجع من ذوي الاحتياجات الخاصة الذي يكون في معظم الأحيان مغلوبًا على أمره.
ووفق المادة (141) (1): أ. إذا ارتكب الموظف مخالفة للقوانين والأنظمة والتعليمات والقرارات المعمول بها في الخدمة المدنية أو في تطبيقها، أو أقدم على عمل أو تصرف من شأنه الإخلال بالمسؤوليات والصلاحيات المنوطة به، أو عرقلتها أو الإساءة إلى أخلاقيات الوظيفة وواجبـــات الموظف وسلوكه أو قصر أو أهمل أداء واجباته أو اعتدى على أموال الدولة ومصالحها، فتوقع عليه إحدى العقوبات التأديبية التالية:
1. التنبيه.
2. الإنذار.
3. الحسم من الراتب الشهري الأساسي بما لا يزيد على سبعة أيام في الشهر.
4. حجب الزيادة السنوية لمدة سنة واحدة.
5. حجب الزيادة السنوية لمدة ثلاث سنوات.
6. حجب الزيادة السنوية لمدة خمس سنوات.
7. الاستغناء عن الخدمة.
8. العزل.
المادة (142): أ. توقع العقوبات التأديبية المنصوص عليها في الفقرة (أ) من المادة (141) من هذا النظام على المخالفة المسلكية التي يرتكبها الموظف من الفئات الأولى والثانية والثالثة وفقاً للصلاحيات التالية:
1. بقرار من الرئيس المباشر إذا كانت العقوبة التأديبية على المخالفة لا تتجاوز الإنذار.
2. بقرار من المدير إذا كانت العقوبة التأديبية على المخالفة لا تتجاوز الحسم من الراتب الأساسي.
3. بقرار من الأمين العام إذا كانت العقوبة التأديبية على المخالفة لا تتجاوز حجب الزيادة السنوية لمدة ثلاث سنوات.
4. بقرار من الوزير إذا كانت العقوبة التأديبية على المخالفة لا تتجاوز حجب الزيادة السنوية لمدة خمس سنوات.
ب. على الرغم مما ورد في المادة (141) من هذا النظام والفقرة (أ) من هذه المادة:
(2) 1. إذا ارتكب الموظف أياً من المخالفات المنصوص عليها في الفقرة (و) من المادة (68) من هذا النظام فتوقع عليه بقرار من الوزير إحدى العقوبات التأديبية التالية:
أولاً: الإنذار.
ثانياً: حسم سبعة أيام من الراتب الشهري الأساسي.
ثالثا: حجب الزيادة السنوية لمدة ثلاث سنوات.
رابعاً: الاستغناء عن الخدمة.
خامساً: العزل.
يراعى قبل إيقاع أي من عقوبتي الاستغناء عن الخدمة أو العزل المنصوص عليهما في البند (1) من هذه الفقرة أن يشكل الوزير لجنة تحقيق لتقديم تقرير بالنتائج والتوصيات.
في حال تكرار أي من المخالفات المنصوص عليها في الفقرة (و) من المادة (68) من هذا النظام للمرة الثانية فتوقع على الموظف المخالف إحدى العقوبات الواردة في الفقرات (ثانياً) و(ثالثاً) و(رابعاً) من البند (1) من هذه الفقرة، وفي حالة التكرار للمرة الثالثة توقع عليه إحدى العقوبتين الواردتين في الفقرتين (ثالثاً) و(رابعاً) من ذلك البند.
على الرغم مما ورد في هذا النظام أو أي نظام آخر، لا يجوز إعادة تعيين أي موظف تم الاستغناء عن خدمته وفق أحكام هذه الفقرة في أي دائرة يوجد فيها أطفال على أن تراعى في ذلك الأحكام والإجراءات الأخرى المنصوص عليها في المادة (170) من هذا النظام.
كما أن بعض العقوبات للدرجات الأعلى تختلف عما سبق.
[2] المصادر: