لا يوجد صيغة عقد النية لصيام يوم عرفه، لأن النية ليست باللسان ولكن محلها القلب فلا يجوز التلفظ بها.
- ولكن يشترط وجود نية الصوم ليوم عرفة من الليل فإذا نوى ليلة عرفة أنه صائم غدا فقد حصل له ثواب صوم ذلك اليوم، بل إن نوى من النهار قبل أن يأكل، أو يشرب فصومه صحيح عند الجمهور، ولو كانت نيته تلك بعد الزوال على الراجح، وهو مذهب الحنابلة، قال في كشاف القناع: ويصح صوم نفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده، نص عليه، لحديث عائشة قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا لا، قال فإني إذن صائم - رواه مسلم.
- والنية لا يشرع التلفظ بها في حالتين:
1- الحالة الأولى: في نحر الأضاحي: يقول (اللهم هذا منك وإليك اللهم تقبل مني) أو إذا كان الذبح باسم شخص أو عن شخص فيسمى ذلك الشخص فيقول اللهم تقبله من فلان بن فلان.
2- الحالة الثانية: في حالة الحج والعمرة. النية هي أساس العمل وقبوله عند الله تعالى، ولا يتلفظ بها لا في الحج ولا في العمرة وفي أي عبادة من العبادات لأن محلها القلب، فلا يجوز أن تقول نويت أن أعتمر أو أن أحج أو أن أصلي أو أن أزكي.
- وعليه: فالنية محلها القلب ولا داعي للتلفظ بها لأن التلفظ بها خلاف السنة، ففي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) متفق عليه.
- فصيام عرفة مستحب، وقد ورد الفضل في صيام عرفة لغير الحاج، ففي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) رواه مسلم.
-ومما لا شك فيه أن يوم عرفة من أفضل أيام العام عند الله تعالى والعمل الصالح فيه مستحب، ومن الأعمال الصالحة الصدقة على الفقراء والمحتاجين وتفطير الصائمين في هذا اليوم، والدعاء لأن الأجور تتضاعف في الأيام المباركة.
- ففي الحديث الشريف: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام العشر. يعني عشر ذي الحجة) رواه البخاري.
- ويوم عرفة داخل في هذه الأيام.
- وعليه: فصيام يوم عرفة لا يحتاج إلى التلفظ بالنية، ولا يوجد صيغة معينة لعقد نية الصيام ذلك اليوم، لأن النية محلها القلب، والإنسان أعرف بنفسه إن كان عازماً على الصيام أم لا؟
- وذلك مثل صيام شهر رمضان المبارك الذي نحن فيه، فهو لا يحتاج إلى التلفظ بالنية، فكيفي فيها العزم على صيامه قبل حلوله فيقول في نفسه ساصوم هذا الشهر كاملاً إيماناً واحتساباً لله تعالى وابتغاء الأجر والثواب منه سبحانه وتعالى.
- ولا يوجد علاقة بين التلفظ بالنية وتبييت النية من الليل، تبييت النية لا يشترط فيه التلفظ بها.
-كما يشترط في النية أن تكون في الليل، وقبل طلوع الفجر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلا صِيَامَ لَهُ) صححه الألباني في صحيح الترمذي
- والمعنى المراد: من لم ينو الصيام ويعزم على فعله من الليل فلا صيام له.
- التلفظ بالنية والإصرار على التلفظ بها هو بدعة في الدين، لأن النية عمل قلبي، فيعزم المسلم بقلبه أنه صائم غداً، ولا يشرع له أن يتلفظ بها ويقول: نويت الصيام أو أصوم جاداً لك وغيرها من الصيغ، أو نحو ذلك من الألفاظ التي ابتدعها بعض الناس.
- كما أن استيقاظ المسلم على السحور ليأكل قليلاً من الطعام والشراب هو بمثابة نية، لأنه لو سألناه لماذا استيقظت في هذا الوقت لتناول بعضاً من الطعام والشراب؟ لكان جوابه لنا لأنني أريد الصيام غداً.