الكشوف الجغرافية هي محاولات الدول الأوروبية للكشف عن مناطق جديدة على سطح الأرض فقد كانت الخرافات السائدة أن حدود العالم لا تتجاوز الصحراء الكبرى، والمحيط الأطلسي يمتد إلى الأزل وأنه مأوى للوحوش، وكان الاعتقاد بأنه لا يمكن استكشاف ما بعد المحيط الأطلسي بسبب عدم استطاعة السفن العبور خلاله وغرقها وفقاً لهذه الخرافات.
كان الدافع الرئيسي لدى الشعور الأوروبية في هذه المحاولات هو الرغبة في التوسع على حساب الشعوب الأخرى، واستغلال ثرواتها الطبيعية والبشرية، وخدمة مصالحها الاقتصادية، والاستيلاء على أراض جديدة أخرى لتوسيع حدودها الجغرافية.
ومن أجل ذلك بدأت رحلة الكشوف الجغرافية التي ساهمت في اكتشاف العالم المجهول التي بدأها كولومبوس عام 1492 وقد قد قام العرب في العصور الوسطى برحلات برية وبحرية إلى مناطق أفريقيا الشرقية والهند ووصلوا إلى الصين، وفي الواقع ان العرب قد ساهموا أكثر من غيرهم في حركة الكشوف الجغرافية وفي مجال المعرفة، ويعتبر الإدريسي مثلا من أهم الجغرافيين العرب.
حركة الكشوف الجغرافية من العوامل الحاسمة التي ترتب عنها انتقال أوروبا من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة، ففي أثناء العصور الوسطى كانت معرفة الأوروبيين بالعالم الخارجي ضئيلة ولا تتجاوز معرفة السواحل الشمالية من قارة أفريقيا وجزئاً صغيراً من ساحلها الشمالي العربي. ومن أهم حركات الكشوف التي جرت آنذاك هي حركـة الكشـوف البرتـغالية، الاسبانية، الإنجليزية والفرنسية، ساهمت بإحداث نقلة نوعية في جميع النواحي أهمها:
- انتقال مركز النشاط السياسي إلى المحيط الأطلنطي بعدما كان البحر المتوسط هو طريق التجارة والمركز في العصور الوسطى،فانتقل مستقبل أوروبا التجاري من مدن البحر المتوسط إلى مدن الغرب مما أدى الى فقدان إيطاليا ومدنها السيطرة التجارية وهذا التحول ما عُرف بالثورة التجارية.
- ظهور الإنتاج الرأسمالي الضخم وتوسع التبادل التجاري في العالم مما أدى الى ظهور نظام استعمال النقد المصرفي (الشيكات).
- تقدمت سائر العلوم خصوصا علم النبات بسبب معرفة أنواع جديدة منها نتيجة تنوع الأماكن التي تم اكتشافها وعلم الاجتماع كذلك نتيجة للاحتكاك بالشعوب الجديدة.
- تكونت إمبراطورية اسبانية، وأخرى برتغالية، وفتح باب الاستعمار أمام الدول الأخرى، التي بدأت التنافس للاستيلاء على حدود وأراضي مختلفة، كان لهذا أثره السلبي على السكان وثروتهم واستخدام أساليب وحشية ضد شعور الدول الخاضعة للاستعمار.
- أخذت المحصولات الجديدة ترد إلى أوروبا كالذرة والبطاطس والكاكاو والكينا والتبغ، بعد أن كانت لا تجد طريقًا للوصول وأصبحت عاملا مهماً يلعب دوره في الحياة الاقتصادية.
- ازدادت كمية المعادن الثمينة،مثل الذهب والفضة، وانخفضت قيمة العملة وارتفعت الأجور وأثمان السلع، نتيجة لازدياد النشاط التجاري وإنشاء الصناعات وزيادة رؤوس الأموال.
- نشر الدين المسيحي بين سكان البلاد التي حلوا فيها ونشر المذهب الكاثوليكي على نحو خاص بين أهالي المكسيك وأمريكا الجنوبية من قبل الإسبان والبرتغال.
- قيام الحروب الضارية بين دول أوروبا نتيجة للمنافسة الكبيرة على استعمار الأراضي المكتشفة والاستيلاء على خيراتها وكان لهذا أثره القاسي على سكان البلاد الأصليين من المستعمرين ومن هؤلاء السكان هم الهنود الحمر، حيث قضت على الكثير منهم الحروب، وأمراض الأوبئة.
- ظهور الطبقة البرجوازية، والقضاء على قطاع النبلاء، مما ادى الى الى ظهور نظام رأسمالي، وأصبحت الصناعة مسيطرة بالدرجة الأولى على قطاع الإنتاج.
- زادت أهمية علم الجغرافية واتسع ميدان البحوث الجغرافية وظهر علماء الفلك والملاحة كذلك ازداد اهتمام الناس بالبحث والتعلم بالإضافة إلى إثبات كروية الأرض واكتشفت أمكنة كانت مجهولة من قبل.
هل تعتقد أن خريطة العالم مكتملة الآن أم أن هنالك أماكن ما زالت في المجهول لا نعرف عنها شيئاً حتى اليوم!
ملاحظة: إذا كنت مهتماً بالحصول على معرفة أكبر وأوسع في حركات الكشوف الجغرافية عبر كل العصور فأنا أرشح قراءة كتاب "الفكر الجغرافي والكشوف الجغرافية " للكاتب الدكتور عيسى علي إبراهيم ويمكنك تحميله بسهولة بصيغة pdf