ما هي الدروس والعبر المستفادة من خطبة أبو بكر الصديق في المسجد وقبل مبايعة المسلمين له؟

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٢٥ ديسمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
أولا : خطبة أبي بكر الصديق في المسجد إنما كانت بعد بيعته بالخلافة وليس قبلها .

وأبو بكر بويع مرتين : مرة في سقيفة بني ساعدة لما اجتمع الأنصار يوم وفاة النبي عليه الصلاة والسلام للتشاور في أمر الخلافة من بعده ، فأدركهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ثم دار بينهم نقاش وحوار انتهى ببيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة للملسمين .

ثم في اليوم التالي اجتمع المسلمون في المسجد وتمت بيعة عامة لأبي بكر الصديق خطب قبلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبين أحقية وأفضلية أبي بكر ، فبايع الناس أبا بكر ، ثم قام أبو بكر فخطب الناس خطبته المشهورة .

قال ابن كثير في البداية والنهاية :
 "  وقال محمد بن إسحاق بن يسار: حدثني الزهري، حدثني أنس بن مالك قال: لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان الغد جلس أبو بكر فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أيها الناس إني قد قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت وما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهدا عهده إلي رسول الله ﷺ ولكني قد كنت أرى أن رسول الله ﷺ سيدبر أمرنا، يقول: يكون آخرنا، وإن الله قد أبقى فيكم الذي به هدى رسول الله ﷺ فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه الله، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله ﷺ وثاني إثنين إذ هما في الغار فقوموا فبايعوه، فبايع الناس أبا بكر بعد بيعة السقيفة.

ثم تكلم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله ثم قال: أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا خذلهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله ".

قال ابن كثير رحمه الله  :  وهذا إسناد صحيح .

والسياق واضح أن عمر خطب أولا ثم بايع الناس أبا بكر ثانيا، ثم خطب أبو بكر الناس .

ثانيا : أما العبر المستفادة من خطبة أبي بكر رضي الله عنه فهي جليلة ، لأن الخطبة على قصرها كانت بليغة جمعت ما قل ودل وأهم ، ومن العبر : 

1. التواضع الذي ينبغي أن يتحلى به الأمير .
2. الإمارة تكليف وليس تشريف ، وواجب الأمير القيام بأمور الناس وسياستهم بما يحقق مصلحة دينهم ودنياهم .
3. من واجبات الرعية وحقوقها تقويم الأمير ومراجعته فيما يخطأ به من القرارات وإيقافه .
4. من واجبات الرعية وحقوق الأمير على رعيته إعانته فيما أصاب به .
5. واجب الرعية طاعة الأمير وعدم الخروج عليه ما دام قائما بحق الله وشرعه .
6. طاعة الأمير ليست مطلقة وإنما هي بالمعروف ، أما المعصية فلا طاعة فيها لمخلوق.
7. الصدق أساس نجاح أي مسؤول أو أمير ، والكذب والغش أساس فشله .
8. الدول التي يظهر فيها الصدق وتعم الثقة بين الحاكم والمحكوم تقوم وتقوى ، والدول التي يفشو فيها الكذب والتدليس وانعدام الثقة بين الحاكم والمحكوم تضعف وتضمحل وتزول .
9.الكل أمام الشرع والحق سواء  ، الغني والفقير والضعيف والقوي .
10. واجب الحاكم أن يقوي جانب الضعيف لئلا يهضم حقه ، ويوقف القوي لئلا تدفعه قوته إلى التجبر وأخذ حقوق الناس.
11. الجهاد في سبيل الله أساس عزة المسلمين ، وتركه والركون إلى الدعة والفشل أساس الذل والهزيمة .
12. انتشار المعصية وفشوها يضعف الجبهة الداخلية للمجتمع المسلم ، ويؤذن ببلاء من الله .
14. أساس قوة الجبهة الداخلية هي انتشار الطاعة والثقة بين المجتمع ، وأساس قوة الجبهة الخارجية هو الجهاد والعزة .

والله أعلم