الحكمة من خلق الذكر والأنثى:
عمارةً للأرض وقياماً للحياة وتكثيرأ للبشرية لتتم الحكمة الربانية من الخلق في ابتلائهم واختبارهم في هذه الدنيا.
فالله تعالى اقتضت حكمته أن خلق من كل شيء زوجين، وجعل لكل شيء مستقراً ومستودعاً، وجعل تكاثر البشر بسكون الرجل إلى زوجته وإتيانه لها، وجعل له في ذلك شهوة وحظاً ورغبة ليميل إليها ويأنس بها، فلو كان التكاثر من جنس لنفرت النفس الطبيعية أو ملة أو لم تشعر برغبتها أو حظها، فلم يحصل المقصود من التزاوج والتكاثر.
فكانت حكمة الله أن خلق المرأة وجعل للرجل فيها حظا وشهوة لتشتاق نفسه ويرغب في حظه، فتدوم البشرية وتعمر الأرض، ويتم مقصود الله تعالى في الخلق من إيجادهم ثم ابتلائهم وما يترتب على هذا الوجود من حكم باهرة ومصالح ظاهرة.
وقد أخبر الله في كتابه أن مثل هذا الخلق والتدبير منه سبحانه هي آية من آياته الدالة على ربوبيته سبحانه كما قال في سورة الروم (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)).
فذكر في هذه الآية أن خلق الأنثى كانت فيه آية، فهو كان آية لما خلق حواء من ضلع آدم عليه السلام، وآية فيما بعد من خلال ميل الرجل إلى المرأة لضمان استمرار النسل.
وذكر حكمة من ذلك الخلق وهو سكون الرجل إلى المرأة، وقد ذكرت هذه الحكمة في مواضع أخرى من القرآن.
وذكرت حكمة التكاثر والتناسل في قوله في فاتحة سورة النساء (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ...).
فبهذا الخلق وبهذا الميل من الرجل للمرأة والمرأة للرجل وحاجة كل منهما للآخر وجد كل منهما سكينته عند الآخر،وقضاء حاجته عنده، وقضاء هذه الحاجة أثمرت تكاثراً وتناسلاً وعمارة للكون.
قد تقول: ولكن الله كان قادراً على ذلك بدون خلق الأنثى فلماذا الأنثى بالذات؟
والجواب: أن أقدار الله تجري بأسباب وقوانين وسنن يضعها هو سبحانه ولا تجري اعتباطاً.
أما سؤالك عن اختلاف الذكر والأنثى في الأحكام والتشريعات والحكمة من ذلك:
فالجواب: أن عليك أن تعلم نقطتين:
الأولى: أن الذكر والأنثى يتفقان في بعض الأحكام ويخاطبان بها على السواء ويختلفان في بعض الأحكام، فليست كل الأحكام يختلف فيها الذكر عن الأنثى.
فكلا الجنسين مخاطبين بأمور التوحيد والإيمان والعقائد بشكل عام، وهما مخاطبان بوجوب الصلاة ووجوب الزكاة ووجوب الصيام والحج ،بشكل عام وإن كان هناك بعض التفاصيل والشروط التي يختلفان فيها بشأن هذه العبادات.
الثانية: الأحكام التي يختلف فيها الذكر عن الأنثى إما هي التي يؤثر فيها جنس المكلف في أداء العبادة، فعبادة مثل الجهاد فيها من المشاق والتعب ما لا يتناسب مع أنوثة وضعف المرأة لم يكن من المناسب أن تخاطب بها المرأة ابتداءً وإنما خوطب بها الرجل.
وكذلك صلاة الجماعة وحضور الجمعة بشكل تكرر وما تحتاجه من اختلاط وبروز لم يكن يناسب فرضه على المرأة.
فالخلاصة: أن اختلاف خلقة الرجل عن المرأة وطبيعة جسد كل واحد منهما، وذلك للقيام بالمصلحةاليت خلق لأجلها، كان من الطبيعي أن يختلفا في بعض التكاليف بما يناسب كل واحد منهما، بل إن اتفاقهما في التكاليف كان سيكون ظلماً لهما ومخالفة للحكمة.