- دارت حرب ''البسوس'' بين قبيلتي بكر وتغلب بعد أن قتل جساس كليباً ,و اعتزل الحارث بن عباد الحرب وقال مقولته الشهيرة: ''هذه الحرب لا ناقة لي فيها ولا جمل''، فأصبحت مقولته هذه من بعده مثلاً يسري في الأمة، وعندما طالت الحرب أرسل الحارث ابنه بجيراً للزير سالم (المهلهل) وقال للرسول الذي ارسله معه: قل للمهلهل أن الحارث بن عباد يقول لك :" إنك قد أسرفت في القتل وأدركت ثأرك وهذا بجير ابني فإما قتلته بأخيك وأصلحت بين الحيين وإما أطلقته وأصلحت ذات البين". ولكن المهلهل قال لبجير:" بؤ بشِسع نعل كليب" (ويقصد بذلك أنت مقابل قطعة من حذاء كليب(، فقال بجير :" إن رضيت بنو بكر رضيت! ".فقام المهلهل بقتله
وكان الحارث بن عباد واحداً من فرسان بني وائل المعدودين, وكان من أكثر أهل زمانه حلماً وأقواهم بدناً وأشدهم بأساً، فلما وصل للحارث بن عباد أن المهلهل قد قتل ابنه بجير قال الحارث:" نِعْمَ القتيل بجيرٌ أصلح بدمه بين ابنَي وائل". فلما وصل له أن المهلهل قد قال لبجير : "بؤ بشسع نعل كليب"، ثار وغضب غضباً شديداً وقال قصيدته الشهيرة:
قرّبا مربط النعامة مني ... لقِحت حرب وائل عن حيالِ
قرّبا مربط النعامة مني ... شب أمر للمعضلات الثقال
قرّبا مربط النعامة مني ... تبتغي اليوم قوتي واحتيالي
قرّبا مربط النعامة مني ... ليس قولي يراد لكن فعالي
قرّبا مربط النعامة مني ... لبجير فداهُ عمي وخالي
قرّبا مربط النعامة مني ... لا يباع الرجال بيع النعالِ
قرّبا مربط النعامة مني ... إنّ قتل الغلام بالشسع غالي
قربا مربط النعامة مني ... إن قتل الكريم غيّر حالي
( وكانت تدل النعامة على فرسه)
- ومن قوة غضبه قال: " والله لا أكفّ عن تغلب حتى تكلمني فيهم الأرض". وانضم ابن عباد إلى بكر في حربها على قبيلة تغلب وأثخنوا فيهم القتال, وبذلك دارت الدوائر على تغلب بعد انضمامه هذا, ووصل الحد لدرجة أن أهالي تغلب قاموا بحفر سرداب تحت الأرض وأدخلوا فيه رجلاً , فلما قام الحارث بالمرور أنشده:
أبا منذر أفْنيْتَ فاسْتبقِ بعضَنا
حنانيك بعض الشر أهون من بعض
فقال اهل تغلب للحارث:" قد كلمتك الأرض وبررت بقسمك فأبقهم واترك الحرب" فترك الحرب بعد ذلك.