لا أهدف إلى إكراهك بالناس، ولا أن أخبرك أن الناس سيئون، إلا أن الغيرة أمر موجود، لأننا كبشر، لا نحب أن نرى أن أحدا قد سبقنا إلى مكانة معينة، أو وصل إلى مكانة، نحن غير قادرين على الوصول إليها بعد، فهذا أمر عادي، شعور طبيعي، يحدث معنا كلنا.
الأمر الغير طبيعي في هذا الشعور هو أن لا أحد سيأتيك و يخبرك مباشرة أنه يشعر بالغيرة منك، هو دائما يتصرف بطريقة سيئة، و سيعطيك طاقة سلبية، مما يؤثر على إنتاجيتك، لذلك سأخبرك عن بعض الأمور، التي إذا رأيتها في الشخص الذي تتعامل معه فستعلم أنه يغار منك، و ستعرف كيف تتعامل معه، مما يمنع المشاعر السلبية من الوصول إليك والتأثير بك.
عندما يقوم أحد بالتقليل من إنجازاتك، سواء بمواجهتك، أو من وراء ظهرك، فاعلم أنه يغار منك. فإذا كنت مثلا تتحدث مع أحد الأشخاص، وتخبره بأنك وصلت إلى نجاح معين في عملك، أو أنك اقتنيت شيئا جديدا، كموبايل مثلا، سيجيبك هو بالرد عليك بـ "جهازك ليس جيدا" أو "سيارتك الجديدة فيها العديد من المشاكل" أو " من الجيد أنك ترقيت في عملك، إلا أن الشركة التي تعمل بها ليست جيدة". أي أنه يستمر في التقليل من إنجازك، وقد يحصل الأمر بدون علمك، فيخبر الآخرين "هل رأيتم فلان، تم ترقيته في العمل رغم أنه لا يستحق".إن التقليل من إنجازاتك، يجعله يحس بالرضا قليلا عن نفسه، لأن لا أحد يحب أن يكون في المرتبة الثانية، ولا أحد يري أن يرى غيره أنجح منه أو أكثر تفوقا منه.
إن الحل المناسب لهذه الحالة، هي العطف، أي التعاطف بمشاعرك مع الشخص الذي يغار منك، رغم أنه يتكلم عنك من وراء ظهرك، و رغم أنه يهبط من عزيمتك، الا ان الشعور بالعطف سيجعلك تهدأ من داخلك، وهو أيضا سيلاحظ عطفك، ولن يكمل كلامه بالأسلوب الهجومي عليك، و حتى لو كان هناك من هو حاضر للموقف معكما، فهم سيرونك على أنك الشخص الواثق من نفسه جدا والقوي.
كما أن عليك التنبه الى أن كلامه عنك وعن إنجازاتك في الحقيقة لن تنتقص من إنجازاتك شيئا، فأنت وصلت لهدفك، وأن ما قد يؤثر فيك فعلا، هو أن تصدق كلام الشخص الذي يغار منك فتشعر بمشاعر سلبية ، قد تمنعك من الإنتاجية.
أيضا، من ملامح الشخص الذي يغار منك، هي عدم تقبله لأي نصيحة منك، وسبب رفضه، هو أنه داخليا لا يريد أن يؤكد على نفسه فكرة أنك قد تكون أفضل منه، وقد يبدأ التشكيك في نواياك حين تنصحه، ويسيء الظن بك، وقد يعتقد بينه وبين نفسه أن نصيحتك له هدفك من ورائها هي جعله متخلفا عنه، وفي موقف كهذا، الحل هو أنك بدلا من أن تقدم له نصيحة يشكك هو بها، قم بتقديم المساعدة له، أخبره أنك تريد مساعدته، و اسأله كيف يمكنك مساعدته، هذا سيجعل الشعور السلبي الموجود في داخله ناحيتك، يتحول الى أن يراك قدوة له، ولو ساعدته فعلا بجزء صغير، سيبقى يتذكر الجميل، وسيتقبل نصائحك فيما بعد ويأخذها على محمل الجد وسيشكرك و احتمال كبير أن يعمل بها.
كذلك الشخص الذي تراه يختلق النزاعات، هو شخص يغار منك، فتراه يختلق مشكلة من لاشيء، ثم يصعدها، كأن يلومك على تأخرك عن موعد بينكما، أو أن يلومك على أسلوب كلامك معه، أو غيره من الأخطاء الصغيرة التي لا تستلزم الدراما وردة الفعل العنيفة منه، لكنها بالنسبة له فرصة للتنفيس عن غيرته وغضبه، وحل هذا الموضوع هو أن تنتظره لإنهاء كلامه، ثم تتحدث معه بصوت المنطق، واسأله أسئلة تخاطب عقله الواعي بكامل هدوئك، عن ما إذا كان الأمر يستحق كل هذا الغضب أم لا.