السيارات الطائرة، الحياة على المريخ، دخول الى احدى افلام ديزني و التجول في أحد قصورها، كل تلك الأفكار قد تبدو مستحيلة أو أنها تصنف على أنها غريبة و بعيدة عن الواقع بعض الشيء، لكن لطالما تراودنا مثل هذه الأفكار و تجعلنا نسرح في عالم خيالنا و نبحر في الزمن لفترات طويلة، ولعل هذه الأفكار هي الأساس الذي يبنى عليه الابداع و تصدر من خلاله صور غير مألوفة تعبر عن الابتكار.
ماهي اغرب الافكار التي راودت ذهنك؟
لعل سؤالك هذا استحضر بداخلي الكثير من الأفكار التي ساعدتني في رسم الكثير من اللوحات الفنية و عمل بعض المجسمات التشكيلية، لكنني اعتبر ان اكثر فكرة غريبة خطرت ببالي هي العيش في بيت طائر معلق بواسطة البلالين و السفر عبره، لقد استوحيت هذه الفكرة من خلال مشاهدتي لأحد أفلام الانيميشن المفضلة لدي، كان الفيلم يتحدث عن رجل عجوز يدعى كارل يحلم هو و زوجته في السفر إلى أحد الجبال المطلة على شلال عظيم منذ طفولتهما، لكنهم انشغلوا في حياتهم مما جعلهم يأجلون سفرهم مراراً وتكرارا، حتى تقدم بهم العمر و للأسف توفت زوجته قبل تحقيق حلمهما، مما دفع كارل الى ان يعقد العزم على السفر لكن وبسبب كبر سنه، و تعلقه في منزله و ذكرياته المدفونة فيه، قرر السفر مع منزله، حيث انه ربط الآلاف البلالين المليئة بالهليوم بمنزله، وترك لها العنان لترفع منزله نحو السماء و تمكنه من العبور عبر السحب متوجها الى طريق الضوء الذي يقوده نحو حلمه.
ذلك الفيلم أثر في كثيرا و لاسيما القصة التي تتخللها الاحلام و تعابير الخيال بصورة فنية تعكس الابداع بكل تفاصيله، ذلك الفيلم جعل فكرة السفر عبر المنزل المعلق بالبلالين تلازم خيالي، تلك الفكرة الغريبة راودت ذهني و حبستني في عالم الخيال لفترة طويلة، مما دفعني الى تطبيقها.
لا تقلق، أنني لم أعلق الآلاف البلالين على منزلي و حلقت به نحو السماء، بل انني عبرت عنها بالغة اكثر فصاحة بواسطة ريشتي وألواني، حيث ان تفكيري المستمر بهذه الفكرة دفعني الى تشكيل مجسم صغير من بعض الأدوات في مرسمي، حيث أنه يجسد صورة منزل كارل في الفيلم، وطبقت صورته بواسطة ريشتي وألواني حيث أنني صبغت المنزل بواسطة ألوان مشابهة لألوان المنزل الطائر في الفيلم، أما بالنسبة الى البلالين فلقد احببت في بداية الأمر أن يكون الأمر واقعي بعض الشئ، و أيضاً تمنيت ان يحلق منزلي الصغير نحو السماء، لذلك أحضرت الكثير من البلالين الصغيرة والملونة، و ملأتها بالهليوم، و ربطها بالمجسم بحيث أنها تشكل جناحات زاهية الألوان تحلق بمنزلي الصغير نحو السحاب.
لقد كانت هذه التجربة من اكثر التجارب الممتعة في حياتي، حيث انها جعلتني اتأكد من حقيقة أن الأحلام في مخيلتنا تحمل جانبا من الحقيقة، و اننا من الممكن ان نحققها بواسطة الإبداع المختبئ في طيات ارواحنا وبعض من الأفكار الغريبة التي تساعدنا في فك شيفرات خيالنا، حتى تمكننا بأن نلامس النجوم و نتراقص بين الكواكب، ولكن بطريقتنا الخاصة.