يعدُّ شيخ الإسلام محمد بن إسماعيل بن المغيرة أكبر الحفاظ وإمامهم، كما يعدُّ من أكبر الفقهاء وأهم علماء الحديث وعلوم الجرح والتعديل وعلم العلل باتفاق علماء الأمة من أهل السنة والجماعة، لديه مصنفات عديدة أهمها وأشهرها كتاب الصحيح الجامع المعروف بصحيح البخاري، والذي جمع فيه 7275 من أصحّ الأحاديث التي ثبتت روايتها عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتي تلقاه علماء الأمة بالقبول بقولهم أنه ثاني أصح الكتب بعد القرآن الكريم وذلك لعلوّ شأنه ومنزلته.
وهنا نذكر بعض الشبهات التي أثيرت حول صحيح البخاري، ومنها:
الشبهة الأولى: أن عددًا من العلماء والحفّاظ انتقدوا أحاديث في صحيح البخاري
وهذه من أكثر الشبه التي يحاول أهل الفتنة أثارتها حول صحيح البخاري بحجة أن هذه الأحاديث ضعيفة وموضوعة.
والرد على هذه الشبهة يكون بقول:
- جميع العلماء والحفاظ الذين انتقدوا أحاديث البخاري يعظّمون صحيح البخاري ويعتبرونه أصح الكتب في السنة وأصح الكتب بعد القرآن الكريم، وإنما انتقادهم لحفظ صحيح البخاري وإعلاء منزلته وحرصهم على علوّ مكانته وحرصهم على حمايته.
- جميع العلماء والحفاظ الذين انتقدوا صحيح البخاري يقرّون بإمامة الإمام البخاري وعلوّ مكانته بالحفظ والفهم والعلوم وأهمها علم العلل والذي يصنف من أصعب العلوم.
- الأحاديث التي انتقدها العلماء والحفاظ تعتبر بضعة أحاديث من أصل 7275 حديثاً.
- انتقاد العلماء كان ليس بسبب أن الأحاديث النتقدة ضعيفة، وإنما لبيان أنها لم تكن بالدرجة العليا التي اشترطها الإمام البخاري في جمع الأحاديث.
- أكثر الأحاديث التي انتقدوها على الإمام البخاري كان الحق فيها مع الإمام البخاري وليس معهم، وهذا ما اتفق عليه أهل العلم.
- أكثر الأحاديث المنتقدة ليست من موضوع الكتاب، وإنما ذكرها الإمام البخاري بهدف استئناس القارئ في المتابعات والشواهد.
- الانتقاد الموجه لأحاديث الإمام البخاري المسندة مبنية على قواعد ضعيفة عند أئمة الحديث.
الشبهة الثانية: وجود أحاديث في صحيح البخاري تعارض القرآن الكريم
وهذه الشبهة غير منطقية أصلًا، شبهة متهالكة وغير صحيحة كما أنها غير مقبولة دينيًّا وعقليًّا، حيث لا يعقل أن الإمام البخاري الإمام الثقة المأموم به عند جميع أهل العلم وأهل السنة والجماعة يقبل بوجود أحاديثًا معارضة للقرآن الكريم في كتابه، وهو الذي اشترط شروط كثيرة لأخذ الحديث من الرواة، أهمها شرط عدم الشذوذ والعلّة، وهذه الشبهة مبنية على الشذوذ والعلّة.
كما من غير المعقول تغاضي علماء الأمة عن وجود هذه الأحاديث في هذا الكتاب العظيم.
الشبهة الثالثة: وجود أحاديث في صحيح البخاري بعضها يخالف عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم
وهذه الشبهة غير مقبولة أيضًا، حيث استدّلوا بالحديث الذي يروي محاولة انتحار النبي صلى الله عليه وسلم عن انقطاع الوحي عنه، وهنا نقول إن الإمام البخاري إنما ذكر هذا الحديث لاستنكاره على راويه الزهري، وأشار البخاري على أنها رواية ضعيفة لا تثبت.
الشبهة الرابعة: وجود أحاديث تخالف الحقائق العلمية
الشبهة الخامسة: وجود أحاديث لا يقبلها العقل
وغيرها من الشبهات التي أُثيرت حول الإمام البخاري وكتابه صحيح البخاري التي لا أساس لها من الصحة والقبول.
اجتهد البخاري في كتابه جهودًا عظيمة، أحدثت فرقًا كبيرًا في علم الحديث النبوي، كما حقق الكتاب جهودًا عظيمة مباركة في خدمة هذا الدين وعلم الحديث، حيث أخذ الإمام البخاري أحاديثه عن كبار المحدثين ممن ثبتت صحة روايتهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما انتقاها من أصل ستمائة ألف حديث جمعهم، واشترط عدة شروط لأخذ الأحاديث من الرواة، ومنها:
- صحة الإسناد: أن تكون سلسلة الرواة التي روت الحديث صحيحة، مستوفية لشروط الراوي.
- عدالة الرواة: أن يتصف الراوي بصفات التقوى والعفاف وخلوه من كل ما يخدش المروءة من الكبائر والصغائر.
- الثقة والاجتهاد: أن يخرّج من الأحاديث ما اتصل إسناده بالثقات المتيقنين الملازمين لزومًا صحيحة مستوفيًا للشروط لمن أخذوا عنهم الرواية.ونحن هنا ليس بصدد التعريف بمكانته العظيمة والتي أجمع عليها علماء الأمة في سائر الزمان، وإنما سنأتي
للشبهات التي دارت حول كتاب صحيح البخاري والتي قال فيها عدد ممن يحاولون تشويه الدين الإسلامي وإلقاء الشبهات والافتراءات عليه بهدف الفتنة والتشكيك بالدين وعلماء هذه الأمة.