ما هو وقت تعزية أهل الميت وما هو حكم الاجتماع لها وما هي آدابها النبوية

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
١١ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
وقت تعزية أهل الميت :

أكثر العلماء أن وقت التعزية من بعد حصول الوفاة إلى ثلاثة أيام من الوفاة ، والمستحب أن تبدأ من بعد الدفن لأنه قبل الدفن يكون أهل الميت مشغولين بالدفن وتجهيزاته ، ويستحب عدم الزيادة على ثلاثة أيام حتى لا تتجدد الأحزان عند أهل الميت ، حيث يغلب على الظن أنه بعد الثلاثة أيام يبدأ أهل الميت بالسلو وسكون القلب .

وبعض العلماء استدل على أن مدة العزاء ثلاثة أيام من قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث ( لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهراً وعشراً ... ) ( متفق عليه ) ، فجعل منتهى الحداد بالنسبة للمرأة على ميت غير زوجها ثلاثة أيام ، قالوا كذلك بالنسبة للتعزية فتكون ثلاثة أيام .

وهذه المدة للعزاء تقريبية وليست تحديداً شرعياً لا يجوز تجاوزه ، فلو تأخر إنسان عن التعزية عن هذه المدة ، ثم وجد أهل الميت وأراد تعزيتهم حتى يجبر خاطرهم فلا بأس بذلك ولا يحرم ، ولكن العلماء استحبوا عدم التعزية بعد الثلاثة أيام حتى لا يتجدد الحزن لأهل الميت.

قال النووي " و(أمَّا) وقت التَّعزية، فقال أصحابنا: هو من حين الموت إلى حين الدَّفن، وبعد الدَّفن إلى ثلاثة أيَّام، قال الشيخ أبو محمَّد الجويني: وهذه المدَّة للتَّقريب لا للتَّحديد، قال أصحابُنا: وتُكْرَه التَّعزية بعد الثَّلاثة؛ لأنَّ المقصود منها تسْكين قلب المصاب، والغالب سكونُه بعد الثَّلاثة، فلا يجدَّد له الحزن . .." .


وبعض العلماء أجاز التعزية ولو بعد ثلاثة أيام ولم يكره بعدها ، والأمر واسع إن شاء الله.

حكم الاجتماع للتعزية والجلوس لها وآدابها :

هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ، والأرجح - إن شاء الله - أنه يجوز الاجتماع للتعزية بحيث يجلس أهل الميت في مكان معين يقصدهم من أراد تعزيتهم فيه ، بشرط خلو هذا الاجتماع من المنكرات والبدع ، فإذا وجدت منكرات وبدع ، فالحرمة تكون بسبب هذه المنكرات والبدع وليس بسبب ذات الاجتماع .

فهذا الاجتماع ليس عبادة في حد ذاته وإنما هو من باب العادات ، التي يحتاج الناس لها خاصة في هذا الزمن الذي تباعدت فيه الديار ، وصار الناس يحتاجون إلى مكان يقصدون فيه أهل الميت لتعزيتهم ، بخلاف الحال قديماً الذي كان أهل القرية يلقى بعضهم بعضاً في المسجد أو السوق .

ثم إن في قصد الناس لأهل الميت وجلوسهم معهم في بداية مصابهم تسلية لهم وإعانة لهم على مصابهم ولا شك ، بدلاً من جلوسهم وحدهم مما يفتح عليهم باب الحزن أكثر والتفكير والهم والغم ، فمثل هذا الاجتماع فيه مصالح تجعل الحكم بإباحتها أرجح .

وقد أنكر بعض العلماء مثل هذه المجالس وعدها بدعة لأن النبي عليه السلام والسلف لم يكونوا يجلسونها ، والجواب : أن هذه المجالس وهذا الاجتماع ليس عبادة بحد ذاته وإنما هو عادة وحاجة ، ثم قد ورد في الحديث أن عائشة كانت إذا مات أحد من أهل بيتها اجتمعت النسوة عندها في بيتها .

واستدل المنكرون لمشروعية هذه المجالس بأثر جرير بن عبد الله البجلي قال (  كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ ، وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ : مِنْ النِّيَاحَةِ ) ( رواه أحمد ) .

إلا أن هذه الأثر ضعفه بعض العلماء كالإمام أحمد ، وحتى لو صح الأثر فإنه محمول على على ما اجتمع فيه الناس لأجل الطعام عند أهل الميت ، فهذا مخالف للسنة بأن يصنع الطعام لأهل الميت ، لا أن يتكلف أهل الميت طعاماً للناس كما جرت العادة في زمننا .

فالراجح أن الأصل في مثل هذا الاجتماع الإباحة إن شاء الله ، ولكن المشكلة أن هذه المجالس صارت في زمننا خاصة فيها كثير من المنكرات ، كشرب الدخان والكلام في الدنيا وشؤونها ، وبعضهم يجلب قراءً يقرؤون القرآن والناس تسمع ، وبعضهم يتفاخر بالمظاهر من حيث نوع الخيمة والمكان المخصص للعزاء وعدد الحضور ونوعيتهم ، أو تكلف الطعام للحضور ، وغير ذلك ، والله المستعان .

فلو أحب الإنسان أن يتجنب هذه المنكرات ولا يمكنه ضبط الناس فيها ، فترك إقامة بيت عزاء ، فلا شي عليه ، فليس إقامته بمستحب حتى يكون تاركه مذموماً ، بل هو محمود على نيته إن شاء الله .

أما آداب هذه التعزية فمنها : 
1. أن تكون بالصيغة الشرعية .
2. أن يطيل على أهل الميت ولا يثقل عليهم .
3. احترام حزنهم فلا يتخذوه مكاناً للدنيا والضحك .
4. تجنب البدع والمنكرات.

والله أعلم