واقع المكتبات في عصر الحضارة الإسلامية يمكن وصفه بأنه منارة من منارات العلم والمعرفة والثقافة، خاصة في العصر الذهبي، فقد تقدم العرب بمجالات العلوم تقدما كبيرا، وقد شجع على ذلك كله ما يلي:
- وجود عدد كبير من علماء المسلمين المتخصصين في أكثر من مجال.
- لم تكن الطباعة متوفرة فكانت الكتب تنسخ بخط اليد.
- الترجمة والاطلاع والانفتاح على ثقافات الشعوب الأخرى نتيجة دخول الأعاجم في الإسلام، وتوسع رقعة الدولة الإسلامية.
- الاهتمام بالعلوم الإنسانية خاصة الفلسفة والعلوم الطبيعية والتطبيقية.
- اهتمام الأمراء ودعم الدولة السخي للعلم والعلماء.
- تعدد أنواع المكتبات وقيام كل واحد منها كمؤسسة مستقلة.
من أنواع المكتبات في عصر الحضارة الإسلامية:
- المكتبات العامة، ومن أمثلتها: مكتبة قرطبة التي أسست في عام 350 هـ بدعم الخليفة المستنصر بالله زمن الدولة الأموية.
- المكتبات الخاصة، ومن أمثلتها: مكتبة ابن العميد، مكتبة الصحابي عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-، ومكتبة الفتح بن خاقان.
- المكتبات الأكاديمية، ومن أمثلتها: بيت الحكمة في بغداد زمن الدولة العباسية، وخزالة العلم زمن الدولة الفاطمية.
- المكتبات المدرسية، إذ ألحقت بمعظم المدارس الإسلامية مكتبات وانتشرت انتشارا كبيرا.
- مكتبات دور العبادة، ومن أمثلتها: مكتبة الجامع الأزهر، ومكتبة الجامع الكبير في القيروان.
ومن أشهر مكتبات الحضارة الإسلامية:
1. بيت الحكمة:
- أول مكتبة عامة أقيمت في الحضارة الإسلامية زمن الخليفة هارون الرشيد.
- تأسست نتيجة ازدهار حركة الترجمة والتدوين، حيث يمكن وصف حركة الترجمة آنذاك بالعظيمة.
- ترجمت فيها العديد من العلوم التي نقلت عن الفرس واليونان وغيرهم.
- استحدث من خلالها مهن جديدة مثل؛ الوراقة والنسخ.
- كان يستفيد من هذه المكتبة طلاب العلم والعلماء والمهتمين بالثقافة، فاستفاد منها مشاهير عدة أمثال؛ الكندي والخوارزمي.
- بعد استيلاء المغول على بغداد وسقوطها سنة 656 هـ، أدت هذه الحادثة إلى تخريب وضياع آلاف المؤلفات والمخطوطات.
2. خزالة العلم أو دار العلم الفاطمية:
- أنشئت زمن الدولة الفاطمية في عهد الخليفة الحاكم بأمر الله سنة 395 هـ.
- كان الهدف من إنشائها هو نشر المذهب الشيعي ومنافسة مكتبات مذهب أهل السنة والجماعة مثل؛ دار الحكمة.
- كانت منارة ثقافية للترويج للمذهب الشيعي.
- انتهى دورها على يد صلاح الدين الأيوبي سنة 1171 م، بعد دخوله مصر.
3. مكتبة المدرسة المستنصرية:
- أسست زمن الدولة العباسية زمن الخليفة المستنصر بالله، ولذلك نسب اسمها إليه.
- بلغ عدد الكتب والمجلدات فيها إلى نحو 450 ألفا.
- تعتبر هذه المكتبة مركزا علميا وثقافيا رائدا في بغداد، حيث أفادت العلماء والطلبة من كنوزها نحو أكثر من قرنين.
4. مكتبة الجامع الكبير في القيروان أو بيت الحكمة في القيروان:
- مكتبة كانت تتبع لجامع القيروان في تونس، قام بتأسيسها الخليفة زيادة الله الثالث أحد ملوك بني الأغلب.
- تعتبر معهدا وجامعة لتعليم العلوم الدخيلة مثل العلوم الطبيعية؛ الطب والهندسة والرياضيات وغيرها.
- كما كانت معهدا لترجمة الكتب من اللغات الأخرى، وضمت بين رفوفها أمهات الكتب العربية.
- واستمرت المكتبة زمنا طويلا حتى أن الخليفة المعز الفاطمي نقل كتبا عديدا منها إلى دار العلم في القاهرة.