ما هو موقف الأديان السمواية من الغرور والتكبر

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٧ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
التكبر والغرور عند الديانة النصرانية:
- إن صفة التكبر والغرور منبوذة في الديانة النصرانية ولذلك نجد الكتاب المقدس أكد على نبذ الكبر والغرور والكبرياء والعجرفة، فيقول الكتاب المقدس أن المغرورين، من لهم قلب متكبر، هم مكرهة لدى الله: "مكرهة الرب كل متشامخ القلب. يدا ليد لا يتبرأ" (أمثال 16: 5). يذكر الكتاب المقدس سبعة أشياء يكرهها الله وأولها "العيون المتعالية" (أمثال 6: 16-19). قال الرب يسوع نفسه: "إن الذي يخرج من الإنسان ذلك ينجس الإنسان"، ثم يذكر ثلاث عشرة صفة للذين لا يرضى عنهم الله، ومن بينها الكبرياء إلى جانب النجاسة الأخلاقية والقتل (مرقس 7: 20-23).

- كما يستخدم الكتاب المقدس كلمتين في اللغة اليونانية في الحديث عن الغرور، وتحمل الكلمتان نفس المعنى. كلمة Huperogkos وتعني "تضخم" أو "تعظيم" كما في "ينطقون بعظائم" (بطرس الثانية 2: 18؛ يهوذا 1: 16). الكلمة الأخرى هي phusiosis بمعنى "انتفاخ الروح" أو "التعالي، الكبرياء" (كورنثوس الثانية 12: 20). ويتوجب على المؤمنين إدراك أن الغرور أو تعالي القلب يتناقض مع التقوى (بطرس الثانية 1: 5-7). فالغرور ليس إلا استعراض الشخص لأهميته (تيموثاوس الثانية 3: 2). وهو يشابه العقلية التي تقول لنفسها "أنا محور العالم" (أمثال 21: 24).

- كما يقول الكتاب المقدس:"المحبة تتأنى وترفق. المحبة لا تحسد. المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ". المؤمنين مدعوون لإظهار المحبة؛ والغرور يتناقض مع تلك المحبة. تقول رسالة رومية 12: 3 "فإني أقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم: أن لا يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي بل يرتئي إلى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الإيمان". لا نستطيع أن نكون مغرورين وفي نفس الوقت نتحلى بالاتضاع المقدس.

- ومن نصوص الكتاب المقدس عن الكبر: "بل من أراد أن يصير فيكم عظيما يكون لكم خادما ومن أراد أن يصير فيكم أولا يكون للجميع عبدا. لأن ابن الإنسان أيضا لم يأت ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مرقس 10: 43-45). إذا كانت اتجاهاتنا تتسم بالغرور فإننا لن نستطيع أن نخدم الآخرين جيدا.

- وقد أكد بولس هذا المعنى في رسالته إلى كنيسة فيلبي: "لا شيئا بتحزب أو بعجب، بل بشكل متواضع، حاسبين بعضكم البعض أفضل من أنفسهم" (فيلبي 2: 3). وهذا تناقض كبير مع طبيعة عالمنا التنافسية اليوم، وهو بالتأكيد لا يفسح مجالا للغرور. ففي حين يدفعنا العالم لكي نسعى للوصول إلى القمة بغض النظر عن التكلفة، وأن نفتخر بإنجازاتنا، يأمرنا المسيح أن نكون مختلفين: "لأن كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع" (لوقا 14: 11؛ يعقوب 4: 6). إن هدفنا الرئيسي، في أي مستوى من مستويات نجاحنا في العالم، هو تمجيد الله (كولوسي 3: 17، 23).

- كما ينص الكتاب المقدس: "ويمنحنا الله وعدين يتعلقان بإتجاهاتنا نحو الله وإخوتنا من البشر. أولا، أن المتكبرين سوف يعاقبون (أمثال 16: 5؛ إشعياء 13: 11)، وثانيا، "طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السماوات" (متى 5: 3). لأنه في واقع الأمر، "الله يقاوم المستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (بطرس الأولى 5: 5؛ أمثال 3: 34).
 
أما الكبر والغرور في الديانة اليهودية:
فهو صفة ملازمة لهم، كما أن التلمود الذي كتبوه بأيديهم تفوح منه رائحة العنصرية والكبر والغرور، فهم يعتقدون أنهم أفضل البشر، وأنهم شعب الله المختار، وأن الله تعالى خلق بقية البشر ليكونوا خدماً لهم. وأن اليهودي هو العبقري الوحيد المتفوِّق في هذا الكون!

- كما يعتقدون بأنهم أحباء الله وخاصته، وبأن كل ما غير يهودي (الأغيار) خُلقوا لخدمتهم، وسُخِّروا لهم كالبهائم، واعتقادهم بأنه الجنس السامي الوحيد، جعلهم يَستعلون على الآخر سواء كان مسيحيًّا أو مسلمًا، وسواء كان أوربيًّا أو أمريكيًّا أو عربيًّا، فالكل سواء ما دام غير يهودي، وهذه النظرة الاستعلائية جعلتهم مغرورين، ومُنعزِلين عن غيرهم، وقد اشتهر اليهود بالغرور والكبر، والميل إلى الانعزال في وسط كل المجتمعات التي عاشوا في ظلالها؛ حتى عُرف عنهم ما سُمي بالجيتو اليهودي.

- أما الكبر والغرور في الديانة الإسلامية:

-فالتكبر صفة مذمومة نهى عنها الشرع الإسلامي، ومن تكبر فقد شابه إبليس في تكبره عن السجود لآدم عليه السلام.

- ففي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس) رواه مسلم.

- فالتكبر في الإسلام محرم، وصاحبه معذب يوم القيامة ولا يدخل الجنة ويحشر كالنمل تدوسه الخلائق 

- فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يُحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذرِّ في صُوَر الرجال يغشاهم الذل من كل مكان فيساقون إلى سجن في جهنم يسمى " بولس " تعلوهم نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال". رواه الترمذي وحسنه الألباني.