ما هو شرح الحديث النبوي الشريف (ما أكل أحد طعامًا قط خير من أن يأكل من عمل يديه) وما هو معنى وإعراب كلمة (قط) في الحديث

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١١ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أكل أحد طعامًا قط خير من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده) فهو حديثٌ صحيح رواه البخاري.

- هنا يخبر النبي أن أفضل الطعام وأخيره وأحسنه هو الذي يأتي بالعمل وعرق الجبين، ويدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحث على أكل الحلال والعمل وعلى الكسب الحلال الطيب المبارك بطرق كثيرة مثل التجارة والحدادة والزراعة والتجارة وغيرها من الحرف  لكسب لقمة العيش، وفيه كُره لأن يعتمد الإنسان على غيره في كسب قوته أو كسبه بطرق غير مشروعة.

- وقد ذكر أن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده مع أنه كان ملكا!! ولكنه كان يعمل بالحدادة أيضًا قال الله تعالى: (وألنَا له الحديد) سبأ الآية 10 ، فإذا كان الأنبياء يعملون لكسب عيشهم ويأكلون الحلال، فمن الأجدر بنا أن نقتدي بهم، فيعمل الإنسان بما يستطيع ويكف عن سؤال الناس.

- وقد كان أغلب الأنبياء عليهم السلام حِرَفِيين، فنبي الله داود عليه السلام كان حدَادًا، ونبي الله نوح عليه السلام كان نجَارًا، ونبي الله إبراهيم عليه السلام كان بناء والدليل هو بناءه للكعبة المشرفة، ونبي الله إدريس عليه السلام كان خياطًا، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان راعِيًا.

وبالنسبة لإعراب لكلمة (قط) فهي ظرف زمان مبني على الضم، وتستعمل لنفي الزمن الماضي دون المضارع، وتعني هنا النفي التام لما هو أفضل من الأكل من عمل اليد.

-ونعود لنقف على فوائد الحديث الشريف :
1- أن الله تعالى قد فضل العمل باليد، وأن العمل باليد أفضل المكاسب.

2- وأن ما يقوم به الشخص بنفسه وبيده أفضل مما يقوم به غيره .

3- وأن معنى التوكل الصحيح هو الأخذ بالأسباب المطلوبة فالكسب لا يقدح في التوكل.

4- وأنه لا عيب أن يعمل الشخص عند غيره فالحديث يدل على مشروعية الإجارة وأن عمل اليد أعمُّ من أن يكون للغير أو للنفس.

5- في هذا الحديث حث على الكسب المباح الذي يكون من عرق الجبين.

6-أن في العمل وإتقانه هو نفع للإنسان وللناس بنفس الوقت: فإذا كان يعمل مقابل أجره فهذا نفع له بكسب المال الحلال، وإن كان إيصال النفع إلى الناس بتهيئة أسبابه من نحو زرعٍ، وغرس، وخياطة، وغير ذلك.

7- العمل يقضي على البطالة وعلى إملاء الوقت بما هو مفيد فاشتغال الكاسب بالعمل، هو سلامة له من اللهو والفراغ.

8- أن العمل يغني صاحبه عن  ذلِّ السؤال وحاجة الناس.

9- أن النفس البشرية دائماً تدعوا صاحبها إلى الهوى وحب الذات والتكبر والإعجاب بالنفس والعمل يعمل على كسر النفس فيقل طغيانُها ومرحها.

10- أن تعلم المهن لا ينقص من مكانة الإنسان العلمية والدينية بل  قد يكون زيادة في فضلهم وفضائلهم - بحيث يحصل لهم التواضع في أنفسهم، والاستغناء عن غيرهم، وكسب الحلال الخالي عن الامتنان- لذلك كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يعجبه الرجل فيسأل هل له من حرفة؟ فإن قيل له لا: سقط الرجل من عيني عمر !!

11- إن ديننا يدعو أصحابه إلى المسارعة في الإيجابية والانخراط في المجتمع، وإن العمل لهذا الدين، وتجاوز الأنانية ومفهوم الفردية في حياتنا، هو الكفيلُ بإعادة ترتيب الحياة على وجه أفضل .

12- وأن الناس بالمجتمع بحاجة إلى كل المهن ، ولا يستغني عن صاحب مهنة ، ويجب أن يكونوا أصحاب المهن مكرمين في المجتمع غير مهانين!