الإيمان هو اليقين الجازم، أي التصديق التام دون أدنى شكّ.
ولا يكون مصطلح " الإيمان" إلا بشيء غيبي، لا يُرى بالأعين، لأن تصديق ما تراه العين طبيعيٌّ وليس فيه تمايز بين الناس.
أركان الإيمان في الإسلام ستة: هي الايمان بالله ، والايمان بملائكته، والايمان وكتبه، والايمان برسله، والايمان باليوم الآخر، والايمان بالقدر خيره وشره. ويجب الايمان بها جميعاً معاً، ولا يجب الايمان ببعضها دون بعض.
وقد جاءت جميعها في حديث جبريل المشهور حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الاسلام والايمان والاحسان فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخص الإيمان قوله: " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره "
وفي التالي تفصيلٌ مختصر لها بحسب طاقتي واجتهادي الشخصي:
الايمان بالله تعالى:
أن تصدق جازماً بدون أدنى شكّ أن الله عز وجل موجود، وأنه سبحانه الخالق الرازق المدبر لهذا الوجود كله، المهيمن عليه، الذي لا يكون شيءٌ إلا بأمره وإذنه وتحت سلطانه، وهو الحكيم سبحانه، وأنه سبحانه وحده لا شريك له، وهو سبحانه وحده المستحق للعبادة، ووحده المرجوّ في الدعاء والإلتجاء إليه في كل الحاجات، وأن له الأسماء الحسنى والصفات العُلى، لا شريك له، الفرد الصمد، ليس له والد، وليس له ولد، وليس كمثله شيء.
الإيمان بالملائكة:
أي التصديق الجازم بلا شك بوجود مخلوقات غيبية أخبرنا الله عز وجل بها وبيّن لنا صفاتها ووظائفها والحكمة من خلقها، فنؤمن بأنها مخلوقة من نور، وأنها لا تعصي الله أبداً، وأنها ليست كاللبشر فلا تأكل ولا تشرب ولا تتزوج وليس لها الاختيار، وأن لها وظائف محددة من الله تعالى فمنها تسجيل أعمال الناس وكتابتها في صحائفهم ( الملكين اللذان على جانبَيْ كل انسان يسجلان عليه أعماله) ، ومنها خازن الجنة ( رضوان) ومنها خازن النار (مالك ) ومنها ملك الوحي ( جبريل) ومنها نافخ الصور يوم القيامة ( ميكائيل) ومنها حفَظَة الجبال، وحَفَظَةُ المطر، ومنها ملك الموت، ...الخ
وليس معنى وجود هذه الملائكة أنها تساعد الله في إدارة شؤون الكون - حاشا وكلا - فالله عز وجل وحده هو مدبر شؤون الكون.
وأن نعلم أن الملائكة غيب لا يراهم إلا الأنبياء ( وفي حالة إذا تجسدوا على هيئة إنسان، كما في حديث جبريل، بشرط أن يكون ذلك بإخبار نبي فقط وليس بإخبار الناس العاديين )
الايمان بالكتب السماوية:
ويعني هذا التصديق الجازم بأن الله أنزل على بعض أنبيائه ورسله كتباً سماوية مقدسة، فيها تعاليم الدين، والهداية، فيجب علينا كمسلمين الإيمان بها كلها أنها من عند الله ولا نشكك في أصله، مع يقيننا أن الموجود منها اليوم قد تعرض للتحريف والتبديل والتغيير ما عدا القرآن الكريم.
ولا نؤمن إلا بما ورد ذكره منها في القرآن الكريم، فقد ذكر لنا القرآنُ أن الكتاب الذي أُنزل على سيدنا موسى عليه السلام اسمه "التوراة" ، وكتاب عيسى عليه السلام هو "الانجيل" ، بينما من قبلهما نزلت الصحف على سيدنا ابراهيم، و "الزبور" على سيدنا داوود عليهم السلام جميعاً .
الايمان بالرسل والأنبياء:
الإيمان بأن الله اصطفى من البشر أشخاصاً هم صفوة خلقه وأرسلهم للبشر يحملون رسالته ويدعونهم للإيمان به وحده، وينذرونهم معصيته.
والايمان أن هؤلاء الرسل والأنبياء تحملوا مشاق الدعوة وتعرضوا للكثير من المتاعب من قبل أقوامهم والكافرين، فمنهم من عُذّب، ومنهم من قُتِل، ومنهم من أُخرج من دياره، ومع ذلم لم يتنازلوا ولم يتراجعوا ولم يبدلوا أو يفرطوا في رسالة ربهم.
والايمان أن هؤلاء الرسل والأنبياء كانوا جميعاً خاصين بأقوامهم فقط إلا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أُرسل للعالَمين.
والايمان بهم جميعاً من ذَكَرَهم القرآن الكريم لنا منهم ومن لم يذكرهم. علماً أن المذكورة قصصهم في القرآن الكريم هم 25 نبياً ورسولاً فقط ، مع أن الله تعالى أخبرنا أنه ما مِن أمة إلا وبعث فيها رسولاً، أي أن أعدادهم الحقيقية أكثر بكثير.
بدءاً من سيدنا آدم عليه السلام وإنتهاءً بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين.
الايمان باليوم الآخر:
أي التصديق الجازم بأن هناك يومٌ لا شك فيه سيجمع الله عز وجل فيه الخلائق ويحاسبهم على كل أعمالهم في الدنيا، ويحكم فيه بينهم، فيرد للمظلوم حقه ويقتص له من الظالم، ويثيب من آمن به وعمل صالحاً ويعاقب من لم يؤمن أو كفر، فيجزي بالجنة من أحسن وبالنار من أساء.
والايمان بأن هذا اليوم الآخر يبدأ من لحظة وفاة الإنسان وانكشاف الغيبيات له وحياة البرزخ، وأهوال وأحداث يوم القيامة، إلى أن يصل لمستقره النهائي إما جنةً أو ناراً، ثم ما يكون في الجنة من نعيم وما يكون في النار من عذاب.
الايمان بالقدر خيره وشره:
ويعني التصديق الجازم بلا أدنى شك بمشيئة الله وعلمه وأنه كتب مقادير الخلائق كلها من قبل أن تكون، وقدرها وقضى بها أن تكون على النحو الذي قدره تماماً، وأنه لا يكون شيء في هذا الوجود من غير إذنه وعلمه سبحانه.
وأن كل ما يصيب الإنسان لم يكن ليُخطئه وما أخطأَهُ لم يكن ليصيبه، فكل شيءٍ مقدر ومكتوب.
*******************
أما السؤال عن تعليم الأطفال هذه الأركان الستة للإيمان، فإني أنصح بأن تقدم لهم عملياً أكثرمنها نظرياً حتى يتشربوها ويطبقوها في حياتهم وتتعلق بها قلوبهم حقيقةً بلا أدنى شك.
فيتربون على حب الله عز وجل واليقين به ومعرفة أسمائه الحسنى، وبأن الله يراهم ومُطلع عليهم،
وحب الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به،
وذكر قصص الأنبياء والرسل لهم،
وإخبارهم عن الملائكة التي تحفظهم وتلك التي على جانبّيْهم وتسجل أعمالهم،
وكذلك ربطهم باليوم الآخر وترقب الجزاء العظيم من الله تعالى فيه،
ومعرفة أن كل شيء يحدث هو من تقدير الله العليم الحكيم الرحيم،
فإن هذا كله ينفعهم في ايمانهم وأخلاقهم وأقوالهم وأفعالهم وسائر تصرفاتهم وأفكارهم، في دنياهم وآخرتهم.
ووسائل ذلك كله عن طريق تعلم القرآن الكريم أولاً ، ثم السيرة النبوية وقصص الأنبياء والصالحين، وطبعاً يجب إعطائهم شرحاً مبسطاً عنها بحسب عمرهم، ويمكن جداً استخدام الألعاب وما يحب الطفل، والأهم هو مراعاة عدم إعطائهم أي معلومة خاطئة أو تنمية الخرافات عندهم!