ما هو رأيك بفيلم get out؟

2 إجابات
profile/جابر-حيان
جابر حيّان
كاتب ومحرر ومترجم في مستقل (٢٠٢٠-حالياً)
.
٢٩ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
حتى وإن افترضنا جدلًا أن اضطهاد السود/الأميركيين الأفارقة قد انتهى منذ زمن، فإن ذلك لا يعني شيئًا للمخرج الأميركي جوردان بيل -صانع فيلم اُخْرُج (2017)-، بل إنّ علينا أن نُذكّر في كل فرصةٍ تسنح لنا، بهذا الماضي الاستعبادي، وأن نتوقّع -ونتخيّل- إعادة إنتاجه على نحوٍ أكثر إجرامًا ورُعبًا؛ فالبشر وإن ادّعوا نبذَ العبودية وراء ظهورهم، وأن هناك قانونًا وحضارةً يمنعان إعادة إنتاج هذا العار الذي ولّى، إلّا أنّ حاضرهُم يُخبر بعكس ذلك: أنّ الهمجية والعنف والاستعباد والجنون هي الأصل والثابت، الحقيقة التي نحاول سترها اليوم برداء الحضارة الإنسانية الذي يكشف أكثر مما يستر، وتغطية وجهها القبيح بالقانون المليء بالعيوب المصنعيّة. وما شخصيّة “روز أرميتاج” حبيبة “كريس واشنطن” بطل العمل، إلّا رمز لهذه الهمجيّة البشريّة المستَتِرَة؛ إذ تبدو في الظاهر فتاة جميلة ومُسالِمة، عصرية ومنفتحة، تبتسمُ في وجهك وتُحبّك وتتفهَّمُك، لتُخفي وجهها الحقيقي المُرعِب والقاسي، القاتل بدم بارِد والميّت.. وجه الإرهاب النُخبويّ الذي يظهر في نهاية الفيلم وهي ترتدي الأبيض.

لم يعُد الشكل التقليدي للاستبعاد والإخضاع مُواكبًا لروح هذا العصر، لقد كنّا نُسخِّر السود في الماضي لخدمتنا بواسطة قدراتهم الفزيولوجية المُميّزة، فلِمَ لا نُسخّر التقنية المتقدّمة اليوم، لكي تصبح هذه القدرات لنا، لنتمتّع بالخصائص المُميّزة بأجسادهم، لنركب أبدانَهُم كالعربات ونحارب المرض والشيخوخة والعمى والعجز، عبر نقل وعينا الفريد من نوعِه إلى أجسادهم الصحيّة القوية السريعة، ونغنمَ ما لم نتمكّن من اغتنامه بأساليب الاستعباد القديم.. هكذا تُفكّر النخبة البيضاء في العمل المُرعِب الأوّل -إخراجيًا- لجوردان بيل.

التحيّز للسود واضحٌ جدًا، ومبنيٌ على رؤية ميتافيزيقية لهم، لكنّ ربّما يبدو كل هذا مُبرًّرا ونحن نتذكّر ماضٍ ليس بعيدًا جدًا وأيادينا على قلوبنا خوفًا من عبوديةٍ مستقبليّة مجنونة -يؤسّس لها حاضرٌ مريض- لا يواجهُها السود وحدهم، بل كلّ الّذين يقفون على الضفّة المقابلة لهذه النخبة المسعورة والتي بالضرورة لا تقتصر على البيض بل على كافة المهاويس الجشعين والقتلة من شتّى الأعراق، يقودهم أبيضٌ غارقٌ في الخطايا السبع المُميتة! أحد أفراد هذه النخبة البيضاء، الأعمى “جيم هدسون” والذي رسى مزاد بيع كريس عليه، يقول للأخير: أنا لا أكترث للون بشرتِك، ما أريده أعمق من ذلك.. أريد عينيك، أريد هذه الأشياء التي ترى من خلالها! ربما هذا الرجل أكثرهم تعبيرًا عن روح هذه النخبة، الأمر ليسَ عرقيًا تمامًا، إنّها حربٌ ضد الإنسان بالمقام الأوّل.
 
منذ لحظة وصول كريس إلى منزل آل أرميتاج أو جحيمهم الأبيض، يَفرِدُ القلَق أجنحته الضخمة الثقيلة في كل مكان وتسكنُ الريبة قلوبنا. هناك شيءٌ مُربِك وغير مريح في المنزل وفي ساكنيه، وفي الخدم السود تحديدًا، هناك شيء سيء سيحدث حتمًا! وهو ما يُحيلنا إلى تحفةِ ستانلي كوبريك المُرعِبة بغموضها وإبهامِها.. الوميض (1981). التأثّر بهذا العمل الكوبريكي واضحٌ جدًا، من ناحية أحداثه الغامضة وحواراته المُريبة ومشاهده ذات الطابع السُريالي؛ مثل معظم المشاهد التي يظهر فيه الخدم والحوارات معهم، ومشهد المزاد الذي يتمّ فيه بيع كريس في لعبة البينغو، ومشهد “أُخرُج من هُنا”، واللحظة التي يعثر فيها كريس على صورٍ لروز مع كل عاشقيها السابقين من أصل أميركي أفريقي!).

 
وإن كان وميض كوبريك مفتوحًا على عشرات التأويلات، فإنّ “اُخرُج” ليس بحاجة لأيٍ منها، فهو واضحٌ في تخيُّله لإعاد إنتاج الماضي الاستعبادي في صورةٍ مرعبة ومجنونة أكثر، بأدوات العلم والتقنية (مذكّرًا بالنازية)، من قبلِ نخبةٍ يرتدي أفرادُها قفازات الحضارة الناعمة وهُم يُفسدون ويسفكون الدماء. وإن كان هذا الفيلم فيه تحيّزٌ للسود، فإنّ بيل في عملِه الثاني العظيم "نحن" (2019)، سيبتعد عن هذا التحيّز، ليقترب أكثر من منطقة الصراع بين الطبقات والتفاوت بين “نحنُ” و”هُم”، وليستمرّ في مهاجمة النخبة والسخرية منها وفضح جريمتها في تحويل الإنسان إلى مسخٍ فرانكنشتايني.

  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة
profile/جهاد-عواد
جهاد عواد
بكالوريوس في هندسة برمجيات (٢٠١٦-٢٠٢٠)
.
٣٠ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 مع هذا الفيلم الطموح والمليء بالتحديات الذي تم عرضه لأول مرة في بث سري في عام 2017 في مهرجان Sundance للأفلام، يكشف لنا Jordan Peele أنه في يوم من الأيام سوف نعتبر الإخراج أعظم مواهبة إلى جانب كونه ممثلاً وكاتباً، نعرف جميعنا هذا المخرج من أيامه في Key & Peele ومن خلال تمثيله في الأفلام الكوميدية الذي كان جميلاً أيضاً، ولكن مهاراته الإخراجية المعقدة والدي أدخلت أنماط جديدة من الأفلام لنا غيرت من مسيرته بشكل كامل، هذا الفيلم يبدو طازجاً وحاداً بشكل كبير نادراً ما تجده في أفلام الرعب المعتادة، فهو فيلم غير مريح وهستيري في نفس الوقت، وفي أغلب المشاهد الاثنان معاً، ولا يخاف هذا الفيلم من وضع مواضيع حساسة مثل العنصرية في محتواه، عندما قام المخرج بعرض هذا الفيلم لأول مرة، قال وقتها أن هذا الفيلم كان محاولة منه لصنع فيلم لم يشاهده بالمسبق، وأنا اتفق معه بهذه النقطة لأنني لم أشاهد مسبقاً أي فيلم شبيهاً بهذا الفيلم الجميل، عالم السينما يحتاج لمخرجين مستعدين لمواجهة التحديات مع أفلام بأفكار جديدة مثل هذا.

في هذا الفيلم ومن اللحظة إلى تصل فيها الشخصيات إلى منزل العائلة، هناك شيء غريب وغير مريح، بالطبع تبدو شخصيات Dean (التي يقوم الممثل Bradley Whitford بلعب دورها) و Missy (التي تقوم الممثلة Catherine Keener بلعب شخصيتها) ودودة، ولكنهم ودودون بشكل زائد تقريباً، والشيء الغير مريح أكثر هو المشاهد التي تظهر فيها شخصيات المزارع ومدبرة المنزل Walter و Georgina, الذين يبدوان بشكل ما غير واعيين على الحياة أبداً، ويمكنك عند مقابلتهم معرفة أن هناك شيء خاطئاً يحدث، ولكن في هذا الفيلم ومثلما نقوم بالتصرف في الحياة الواقعية، تقوم الشخصية الأساسية بتجاهل تصرفاتهم، ولا ننسى بالطبع شخصية الشقيق الغريبة التي يقوم بتمثيلها Caleb Landry Jones, الذي يبدو كأنه قادم من تجربة أداء لفيلم A Clockwork Orange, تستمر الأشياء الغربة بالحدوث تدريجياً خلال هذا الفيلم وهذا كان الأسلوب الروائي الذي شدني لهذا الفيلم.

هذا الفيلم يحمل رتم بطيئاً جداً في جزئه الأول حيث يقوم المخرج بتجميع الأدلة خلال هذا الجزء والتي تشير أن هناك شيء خاطئ يحدث، وتحيرنا في ما كان هذا صحيحاً أو أن الشخصية ببساطة تقوم بردة فعل زائدة على تلميحات عنصرية، وهذا كان أروع ما الفيلم، أنك لا تقرر أبداً في حال كانت الأدلة صحيحة، حيث يبقي المخرج الحقيقة والاحتمالات متوازنة دائماً، ومع تقدم وقت الفيلم تبدأ باكتشاف الحقيقة شيئاً فشيئاً وعندها تبدأ بالتعاطف مع شخصية البطل وتمني أن يقوم بالخيارات الصحيحة، هذا مع شعورك بالصدمة بالطبع، هذا الفيلم كان بداية نمط أفلام رعب كامل ولهذا فهو مهم للسينما ولنمط الرعب، وأنا كمحب لأفلام الرعب بالتأكيد أعد هذا الفيلم من أهم الأفلام التي صدرت في السينما الحديثة.