أنا لست ضد التكنولوجيا. تعجبني التكنولوجيا الجيدة وأرحب بها، لكني ضد النموذج الفكري التكنولوجي السائج إلى حد كبير. وإليك أسبابي.
أعتقد أن الغرض من التكنولوجيا البشرية تحسين نوعية الحياة البشرية ومساعدتنا في ما يفترض أن نفعله بما في ذلك العناية بالكوكب.
وأنا أؤيد التكنولوجيا التي تفعل ذلك، وهناك الكثير منها. يعجبني التخدير وطب الأسنان الجيد، إذ قد أكون على قيد الحياة فقط بسبب جراحة ما وتكنولوجيا مدهشة. لكن التطور التكنولوجي قد يؤثر علينا بصورة إيجابية أو سلبية، ولا ينحصر ذلك فقط بالرشاشات والأسلحة النووية فقط، فالوجبات السريعة سيئة حقًا كذلك السمنة والسكري. ناهيك عن التعامل مع البشر كأرقام وحيوانات. كتحفيز إدمانهم وانتهاز ثقتهم بصورة سيئة.
ومن وجهة نظري، لا يتعلق النموذج التكنولوجي الحالي بتحسين نوعية الحياة البشرية أو المساعدة في العناية بالكوكب. فهي ببساطة تتمثل بضخ المزيد من التكنولوجيا إلى مجتمع ليس لديه الوقت لتعلم التكنولوجيات الأخيرة التي ظهرت في العامين الماضيين.
لا أريد سيارة ذاتية القيادة والاصطفاف، يمكنني القيام بذلك بنفسي. أود تلك السيارات التي تشغل شرائط الكاسيت الخاصة بي (التي أنفقت عليها الكثير من المال). كم عدد الناس حقًا الذين لا يرغبون بسيارات ذاتية القيادة، سائقو التكسي؟ سائقو أوبر؟ سائقو الحافلات؟ سائقو القطارات؟ عمال توصيل البيتزا؟
يتطلب الأمر جيلًا لفهم التكنولوجيا الجديدة. وهذا هو السبب في أن معظم الطائرات العسكرية ومنظومات الأسلحة الحالية تعتمد في الواقع على تكنولوجيا ابتُكرت منذ عشرين عامًا. يستغرق ذلك وقتًا طويلًا لاختبار مثل هذه التكنولوجيا وإثباتها وتطبيقها.
ولا يحاول التقنيون منحنا التكنولوجيا التي نريد أو نطلبها. يُعرَف ذلك بتطوير مواصفات احتياجات المستخدم ومن ثم تطوير ما يعاكسها. يتطلب هذا وقتًا وعملًا طويلًا، ولكنه يثمر نتائج جيدة. هذه الطريقة التي تعمل بها ناسا.
لكن نموذجنا الحالي يتمثل بتطوير الأشياء وعرضها على الملأ، ورؤية ما يحدث. لدينا 900 عملة معماة في العالم. هل نحتاج 900 عملة معماة؟ لا.
ما نجده هو أن هذه التقنيات تخرق خصوصيتنا وتأخذ بياناتنا ولا تبقيها آمنة وتنقلها إلى الحكومات القمعية وتحلل نقاط ضعفنا ببيانات هائلة وتساعد بشكل كبير في سرقة الهوية والتلاعب بالانتخابات وما شابه ذلك.
نحن نقضي وقتًا على مواقع التواصل الاجتماعية أكثر من الذي نقضيه في العلاقات الاجتماعية، ووقتًا في قراءة فيسبوك أكثر من قراءة الأدب، وقتًا أكثر على هواتفنا الذكية أكثر من الحديث وجهًا لوجه.
إن معدلات الطلاق والاكتئاب في ارتفاع كذلك السمنة والسكري والانتحار، ولكن لا بأس لأنه بإمكاننا بيع المزيد من أدوية الاكتئاب.
يمكننا أخذ الصور الذاتية ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. بالطبع، النرجسية هي الطريق للارتقاء، ولكن لا بأس –يمكننا بيع المزيد من ملابس الموضة إلى النرجسيين. أضف إلى ذلك مشاكل العلاقات، ولكن لا بأس، إليكم آلاف مواقع المواعدة (تيندر، جرايندر، وحتى خدمة المواعدة على فيسبوك في بعض الدول) والدكتور قوقل للمساعدة في صراعاتكم النفسية.
تعجبني التكنولوجيا، ولكنني رافض لفكرة النموذج التكنولوجي السائد والضرر الذي يلحقه والضرر المحتمل أن يلحقه وأظن أنه سيلحقه.
45 مشاهدة
