ما هو حكم من يتسبب بقطع رزق الآخرين أو تخفيض راتب زميله

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
١٨ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
لا يوجد إنسان يستطيع قطع رزق إنسان أبداً مهما كان ، لإن الرزق بيد الله وحده هو الذي يقدره ويمنحه ويمنعه ،وما من إنسان وإلا وقد قدر الله رزقه وهو في بطن امه فلنيموت حتى يستكمل رزقه .

جاء في الحديث عن خلق الإنسان أنه بعد أربعة شهور يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد .

وفي الحديث الآخر (  إنّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعِي أنّ نَفْساً لنْ تَمُوتَ حَتّى تَسْتَكْمِلَ أجَلَها وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَها ..).

فرزق الإنسان مكتوب محتوم لا يملك إنسان قطعه ، فإذا توقف في مكان فيكون في قدر الله ذلك .

لذلك الصحيح أن نقول :ما حكم من يتسبب في توقف عمل غيره في مكان معين وانقطاع راتبه وتخفيضه ؟

والجواب :

أن هذا الفعل له احتمالان :

الأول :
أن يكون بحق ،يعني ألا يكون المتسبب بهذا الأمر قد ظلم زميله أو كذب عليه ،وإنما أدى عمله أو نصح لشركته ، وهذا الزميل الذي طرد من الشركة أو خفض راتبه هو المخطئ في الحقيقة ، ففي هذه الحال لا ذنب على المتسبب بهذا بل قد يكون واجباً عليه .

كما لو أن الموظف المسؤول عن مراقبة الداوم بلغ عن تأخر موظف عن الدوام أو عدم التزامه به ، أو علم موظف أن أحد زملائه سرق مال الشركة أو استعمله  بغير وجه حق ، ففي هذه الأمثلة لا إثم على الموظف المبلغ عن زميله بل وجب عليه إنكار منكر زميله ،وتغطيته على زميله وسكوته عنه يجعله شريكه في الإثم .

الثاني :
أن يكون بباطل ،يعني أن يكون الموظف المستبب بتخفيض راتب زميله أو طرده من العمل ، ظلمه أو افترى عليه أو خدعه حتى يصل إلى مقصوده ،كما لو كان يرغب في أخذ مكان زميله ووظيفته ،فكذب عليه وصار ينقل أخبارأ كاذبة ونحو ذلك حتى يصل إلى طرده من العمل ليحل مكانه .

فهذا ظلم وعدوان ولا شك ، وحكمه أنه محرم ،بل هو من أشد المحرمات وعاقبته وخيمة .

فهو فوق إثمه متعرض لعقوبة في الدنيا والآخرة ،والقاعدة أن الجزاء من جنس العمل ،وكما تدين تدان ، فعدل الله أن يسلط على هذا الظالم من يريه جزاء ظلمه ،أو يرى عاقبة هذا الظلم في صحته أو ماله أو أحبابه .

جاء في الحديث القدسي (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ..) (رواه مسلم)

وفي الحديث الآخر (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة )  (رواه مسلم).

والله أعلم