لعبة ترايفان (Travian) ، طريقتها : يقوم الشخص بالتَّسجيل، ثُمَّ يقوم بوضع قريةٍ له، ويتمُّ تطوير الحُقول لِزيادة إنتاجِ القرية من الموارِد- قمح، وطين، وخَشَب، وحديد - وذلك لبناء مبانٍ وجنود، ومِن ثَمَّ الانضِمام إلى تَحالف، وهدفُها أن يتمَّ التَّصدِّي لهجومٍ من نفس اللعبة،والتَّحالُف الفائز يتمُّ ذكره. ولك أن تَهجُم على جيرانِك؛ لِسَرِقة موارِدِهم، أو قَتْلِ جُنودِهِم، أواستِحْلال أراضيهم، وليس هذا ضروريًّا. و يوجد بها ما يسمَّى بالذهب يُمكِنُك شراؤُه مُقابل خِدمات تقدَّم لك في اللعبة، كما هو الحال بالمواقع تدفع مبلغًا مقابل خدمات استِضافة وغيرها.
وهذه اللعبة ، صدرت أكثر من فتوى بتحريمها لعدة أسباب منها :
1. أن لاعب هذه اللعبة يحصل له من التعلق بها ما يؤدي به إلى ضياع وقته واستغراق تفكيره وهذا أمر مذموم منهي عنه شرعا ، ودعوى انه لا ضياع في الأوقات يخالفها الواقع والحس ، فقد يبتدأ اللاعب بمراقبة نفسه ووقته إلا أن الغالب هو تعلق نفسه باللعبة بعد ذلك حتى تستولي على أحاسيسه وشعوره وتفكيره من حيث لا يشعر فيقصر في المستحبات والمهمات والأمور المفيدة على أقل تقدير ، وقد يصل به الأمر إلى التقصير في الواجبات والتفريط فيها
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لرجل وهو يَعِظُهُ: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَك قبل هَرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبل سَقَمِكَ، وغِنَاكَ قبل فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ قبل شُغْلِك، وحَيَاتَكَ قبل مَوْتِك"؛ رواهُ الحاكم (4/ 341).
2. أنها تؤدي إلى بث روح العدائية المجردة لا لسبب شرعي بل لمجرد اللهو فيشتغل ذهنه في كيفية السطو والاستيلاء على مناطق الاخرين ومواردهم ، فيصبح الولاء والبراء بين الشباب والأطفال على مجرد لعبة لا معنى ولا طائل من ورائها .
3. قد تتطلب اللعبة أحيانا دفع مبالغ من المال لتطوير وسيلة معينة أو أسلوب معين ، ودفع المال مقابل هذا الأمر يعد سفها وتضييعا للمال بالباطل .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن حُكْم الشطْرنْج، فقال: "اللَّعِب بها منْه ما هو محرَّم متَّفق على تحريمه، ومنْه ما هو محرَّم عند الجمهور، ومكْروه عند بعضِهم، وليْس من اللَّعب بها ما هو مباح مستوي الطَّرفين عند أحدٍ من أئمَّة المسلمين؛ فإنِ اشتمل اللَّعب بها على العِوض، كان حرامًا بالاتِّفاق، قال أبو عمر بن عبدالبر إمام المغرِب: أجْمع العلماء على أنَّ اللَّعب بها على العِوض قمار لا يَجوز، وكذلك لوِ اشتمل اللَّعب بها على ترْك واجب أو فعْل محرَّم، مثل أن يتضمَّن تأخير الصَّلاة عن وقتها، أو ترْك ما يجب فيها من أعمالِها الواجبة باطنًا أو ظاهرًا، فإنَّها حينئذٍ تكون حرامًا باتِّفاق العُلماء.
والمقْصود أنَّ الشطرنج متَى شغل عمَّا يجب باطنًا أو ظاهرًا حرام باتِّفاق العلماء، وشُغْلُه عن إكمال الواجبات أوْضح من أن يحتاج إلى بسْط، وكذلِك لو شغل عن واجبٍ من غير الصَّلاة، من مصلحة النَّفس أو الأهْل، أو الأمر بالمعروف أو النَّهي عن المنكر، أو صلة الرَّحم، أو برِّ الوالديْن، أو ما يَجب فعله من نظرٍ في ولاية أو إمامة، أو غير ذلك من الأمور، وقلَّ عبدٌ اشتغل بها إلاَّ شغلتْه عن واجب - فينبغي أن يعرف أنَّ التَّحريم في مثل هذه الصّورة متَّفق عليه.
كذلك إذا اشتملتْ على محرَّم أو استلزمتْ محرمًا، فإنَّها تحرم بالاتِّفاق، مثل اشتِمالها على الكذِب، واليمين الفاجرة، أو الخيانة التي يسمُّونَها المغاضاة، أو على الظلْم أو الإعانة عليه، فإنَّ ذلك حرام باتِّفاق المسلمين، ولو كان ذلك في المسابقة والمناضَلَة، فكيف إذا كان بالشطْرنج والنَّرد ونحو ذلك؟! وكذلِك إذا قدِّر أنَّها مستلزمة فسادًا غير ذلك، مثل اجتماع على مقدِّمات الفواحش، أو التَّعاون على العدْوان، أو غير ذلك، أو مثل أن يُفْضي اللَّعب بها إلى الكثْرة والظهور الَّذي يشتمل معه على ترك واجب، أو فعل محرَّم - فهذه الصّورة وأمثالُها ممَّا يتَّفق المسلمون على تَحريمها فيها.
... واشتِغال القلْب بالتَّفكير في الشطْرنج أكثر، وهذا يعرفه مَن خبر حقيقة اللَّعب بها؛ فإنَّ ما في النَّرد من الصدِّ عن ذكر الله وعن الصَّلاة، ومن إيقاع العداوة والبغضاء - هو في الشطْرنج أكْثر بلا ريب، وهي تفعل في النُّفوس فعل حميَّا الكؤوس؛ فتصدُّ عقولهم وقلوبَهم عن ذكر الله وعنِ الصَّلاة، أكثر مما يفعلُه بهم كثيرٌ من أنواع الخمور والحشيشة، وقليلُها يدعو إلى كثيرِها ) مجموع الفتاوى .
وهذه المفاسد التي أشار إليها شيخ الإسلام والتي لأجلها حرم لعب الشطرنج موجود مثلها وأكثر منها في هذه اللعبة وأشبهاها من الألعاب التي ابتدعها الغرب في زمننا وشغلوا بها عقول وفهوم شبابنا كما هو مشاهد ن حتى صرت ترى الشاب بلغ 25 أو أكثر وأغلب حديثه واهتمامه هو مثل هذه الألعاب ، لذلك فإن تحريم مثل هذه اللعبة هو الأرجح ولا أقل من القول بكراهتها والتنفير منها .
والله أعلم
المصدر والمراجع :
مجموع الفتاوى ، ابن تيمية .
موقع الشبكة الإسلامية ( https://www.islamweb.net/ar/fatwa/123002/ )
موقع طريق الإسلام ( https://ar.islamway.net/fatwa/43633 )