الصحيح الراجح أنه يجوز أن يأكل من ثمار الأشجار التي في المزارع بدون استئذان صاحبها بشروط وهي:
1. أن ينادي على صاحب البستان ثلاث مرات ليستأذنه فلا يجيبه أحد، فإن أجابه أحد اشترط أذنه.
جاء في الحديث "إذا أتى أحدكم حائطاً فأراد أن يأكل فليناد: يا صاحب الحائط ثلاثاً، فإن أجابه وإلا فليأكل.." (رواه أحمد )
2. أن يأكل في مكانه ولا يحمل معه إلى بيته، فلا يجوز القطع للادخار والحمل للبيت.
جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلق؟ فقال: "من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة..، " (رواه أبو داود )
فجعل على من خرج بشيء من البستان الغرامة والعقوبة، فدل على حرمة هذا الأخذ.
3. ألا يكون على البستان حائط أو جدار أو مانع يمنع من دخوله بحيث يضطر إلى تجاوز هذا المانع من باب أو حائط، لأن وجود هذا المانع دليل على عدم إذن صاحب الأرض في الأكل منها، ففي هذه الحال يأكل من الشجر الذي على طرف الأرض وحدودها بحيث لا يضطر معه إلى دخول المزرعة .
وبعض العلماء المعاصرين لم يشترط هذا الشرط بل قال إن الإذن عام سواء مع وجود حائط أو عدم وجوده ، والأحوط عدم الأخذ إذا وجد الحاجز أو المانع .
وبعض العلماء اشترط أيضاً الحاجة إلى الأكل كالجوع، فإن لم توجد حاجة وإنما كانت المسألة مجرد شهوة فقط فقالوا لا يجوز ، واستدلوا بذلك بالحديث السابق الذي قال فيه النبي عليه السلام " من أصاب بفيه من ذي حاجة " .
لكن يمكن أن يقال أن الحاجة في الحديث أعم من أن تكون الجوع أو الفقر بل قضاء شهوة الثمرة قد تكون حاجة ، والمهم انه لم يضر صاحب البستان ، وإنما أخذ مما هو على طرف بستانه او تساقط من ثمره.
وهذه الإباحة بالشروط التي ذكرناها - على خلاف في بعضها كما ذكرت - هو مذهب الحنابلة رحمهم الله ، وهو الأرجح كما قلت للأحاديث الصحيحة.
أما جمهور العلماء فمنعوا الأكل من بستان الغير ومزرعته إلا بإذن صاحبه وذلك عملاً بعموم تعالى " إلا أن يكون تجارة عن تراض منكم" ، وعملاً بقول النبي عليه السلام " لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه " .
لكن الأحاديث التي ذكرناها أولاً أخص، وليس في العمل بها ضرر بصاحب البستان والمرزعة بل فيها مصلحة للمجتمع وتعويد للنفس على البذل، وإسكات لشهوة الثمرة عن الراغب.
والله أعلم