حياك الله السائل الكريم، أما الحديث المقصود الذي تسأل عنه: فهو حديث معاوية بن الحكم السلمي -رضي الله عنه-، وهو حديث طويل جاء فيه: (..آسَفُ كما يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فأتَيْتُ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- فَعَظَّمَ ذلكَ عَلَيَّ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أفلا أُعْتِقُهَا؟ قالَ: ائْتِنِي بهَا فأتَيْتُهُ بهَا، فَقالَ لَهَا: أيْنَ اللَّهُ؟ قالَتْ: في السَّمَاءِ، قالَ: مَن أنَا؟ قالَتْ: أنْتَ رَسولُ اللهِ، قالَ: أعْتِقْهَا، فإنَّهَا مُؤْمِنَةٌ). "أخرجه مسلم"
أما سؤالك عن صحة الحديث: فالحديث صحيح باتفاق أهل العلم والمعرفة بالحديث ممن يعتبر قولهم في هذا الشأن ولم يطعن به عالم معتبر، أما قولك "أن العلماء اختلفوا فيه وهل الله في السماء أم بلا مكان"، فالجواب كما يأتي:
- أولاً: الصفة المذكورة في الحديث هي صفة العلوّ لله -سبحانه وتعالى-، ومعناها أن الله علا على كل خلقه علوّ مكان وشأن وقهر، ومعنى "في السماء" يعني فوق السماء، أو معناها في العلو؛ لأن السماء يُطلق على كل ما علا وارتفع والمعنى واحد، وليس المعنى أن الله في السماء بمعنى أن السماء تحويه أو تحيط به كما تحيط بالكواكب والنجوم -سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً-.
- ثانياً: هذه الصّفة دلّت عليها النصوص الشرعيّة المتواترة التي لا حصر لها من القرآن والسنة والآثار، كما دلّت عليها الفطرة والعقل، وعليها إجماع السّلف والصحابة، وجميع أهل السنة والجماعة ومتقدمي الأشعرية كالإمام أبي الحسن الأشعري والباقلاني -رحمهما الله تعالى- وكثير من علماء الفرق الإسلامية الأخرى على هذا القول.
- ثالثاً: لم يخالف في هذه المسألة إلا الجهمية والمعتزلة وبعض متأخّري الأشعرية؛ وقولهم خاطئ ومخالف للنصوص الشرعية.