الحديث صحيح: أخرجه الإمام أحمد وصححه شعيب الأرناؤوط: وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الأئمة من قريش "
- ومما يستفاد من هذا الحديث قول الإمام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم عند هذا الحديث: هذا الحديث وأشباهه دليل ظاهر على أن الخلافة مختصة بقريش، لا يجوز عقدها لأحد غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة، فكذلك من بعدهم، على أن الخلافة والأئمة تكون في قريش.
- أي أن الذي يتولى أمور المسلمين كخليفة أو ملك أو والي يجب أن يكون من قريش أو أصله قريشياً أو ينتهي نسبه إلى قبيلة قريش، وهذا يدل على أهمية قريش وقبيلة قريش الذين كان لهم الملك قبل الإسلام في مكة، وبسبب إسلامهم أبقى لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الميزة وهذا الشرف إلى يوم القيامة!!
- وهذا الحديث لا يتنافى مع قول الله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) [سورة الحجرات: 13] لأن الآية تتصل ببيان تساوي الناس في أصل الخلقة مع تفاوتهم في القرب من الله تعالى بحسب أعمالهم.
- أما تخصيص قريش بالخلافة فهو اختيار من الله تعالى لهم، كما ورد في الأحاديث السابقة الذكر، وكما في قوله تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار) [سورة القصص: 68].
- ولعل السبب في اشتراط القرشية في إمام المسلمين: هو ما لقريش من العصبية التي تكون بها الحماية والغلبة، إذ هي قلب العرب، ومركز إدارتهم، وقد بين ذلك ابن خلدون في مقدمته بياناً شافياً، وليُعلم أن الإسلام لا يفرق بين الناس بسبب أجناسهم، ولا أعراقهم، بل أساس الإسلام هو القضاء على هذه العصبية ومحو آثارها، ومن أظهر العلامات على ذلك المؤاخاة التي تمت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بين القرشيين وغيرهم من العرب والعجم، كبلال الحبشي وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي رضي الله عنهم.
-ويصدق الحديث السابق ما رواه عن واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم. " متفق عليه.
- وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم" متفق عليه.
- كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الملك في قريش والقضاء في الأنصار والأذان في الحبشة، والأمانة في الأزد) صححه الألباني. وبالتالي درجة صحته أنه صحيح.
- فقوله صلى الله عليه وسلم: (الملك في قريش) دلالة على أحقية قريش في الملك كونهم هم سدنة البيت وأهله، وقد صحت ككثير من الأحاديث على تقديمهم على غيرهم. بل أن كثير من الفقهاء قد غشترط في الإمام أن يكون قرشياً أو من قريش.
- أما قوله صلى الله عليه وسلم: (والقضاء في الأنصار) لأن سيّد القضاة وأعلم الناس بالحلال والحرام هو الصحابي معاذ بن جبل - رضي الله تعالى عنه - وهو سيّد من سادات الأنصار رضي الله عنهم أجمعين .وهذا من باب التطييب لقلوبهم لأنهم أووه ونصروه وبهم قام عمود الدين، وفي بلدهم قامت أول دولة للإسلام والمسلمين وبنيت عندهم المساجد، وإنطلقت من عندهم الجيوش الإسلامية لنشر الإسلام وفتح البلاد ، ورفع الظلم عن المظلومين في الأرض.
- وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( والأذان في الحبشة ) وذلك تكريماً لبلال بن رباح مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان من أهل الحبشة. وأما قوله صلى الله عليه وسلم :( والأمانة في الأزد ) هم أهل اليمين، وذلك فلأنهم أرق قلوبا وألين أفئدة، فهذا من مدحهم والثناء عليهم، لا أن الأمانة منحصرة فيهم .