مما جاء في تفسير قوله تعالى:" قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" في سورة النمل/44.
أنه لما أقبلت سبأ تريد سليمان عليه السلام، أمر الشياطين فبنوا لها صرحاً، وهو كهيئة السطح من قوارير، وأجرى من تحته الماء ليخبر عقلها بذلك، وفهمها على نحو الذي كانت تفعل هي من توجيهها إليه الوصائف والوصفاء ليميز بين الذكور منهم الإناث معاتبة ذلك كذلك. ولما دخلت بلقيس الصرح حسبته ماء فرفعت عن ساقيها فقيل لها: أنه صرح ممرد من قوارير، فلما وقفت على سليمان دعاها إلى عبادة الله ونعى عليها في عبادتها الشمس دون الله.
وقيل : إن سليمان إنما أمر ببناء الصرح على ما وصفه الله ، لأن الجن خافت من سليمان أن يتزوجها ، فأرادوا أن يزهدوه فيها ، فقالوا : إن رجلها رجل حمار ، وإن أمها كانت من الجن ، فأراد سليمان أن يعلم حقيقة ما أخبرته الجن من ذلك.
وورد في التحرير والتنوير، أن وكشف ساقيها كان من أجل أنها شمرت ثيابها كراهية ابتلالها بما حسبته ماء . فالكشف عن ساقيها يجوز أن يكون بخلع خفيها أو نعليها ، ويجوز أن يكون بتشمير ثوبها . وقد قيل : إنها كانت لا تلبس الخفين . والممرد : المملس.
والقوارير : جمع قارورة وهي اسم لإناء من الزجاج كانوا يجعلونه للخمر ليظهر للرائي ما قر في قعر الإناء من تفث الخمر فيظهر المقدار الصافي منها . فسمى ذلك الإناء قارورة ; لأنه يظهر منه ما يقر في قعره ، وجمعت على قوارير ، ثم أطلق هذا الجمع على الطين الذي تتخذ منه القارورة وهو الزجاج ، فالقوارير من أسماء الزجاج.
المصادر
تفسير ابن كثير
تفسير التحرير والتنوير