ما هو تفسير قوله تعالى (فلا قل لهما أف)

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٢٤ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
آلاف: هو كل كلام غليظ قبيح، أي فلا تقل لهما هذا القول.

يقول العلماء: لو كانت هناك كلمة أقل من أف لذكرها الله تعالى!

-وهذه الجملة وردت في الآية الكريمة التي توصيتنا ببر الوالدين، قال الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) سورة الإسراء 23

- فتوصي الآية بالإحسان إلى الوالدين والصبر عليهما، كما صبروا علينا في صغرنا واحتساب الأجر عند الله تعالى.

فقوله تعالى: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ ولا تنهرهما)

- وقد اختلف علماء التفسير في معناها بسبب اختلافهم في لهجتها وحركاتها على عدة أقوال:
القول الأول:
قرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب بفتح الفاء، القول الثاني: وقرأ أبو جعفر ونافع وحفص بالكسر والتنوين،القول الثالث: وقرأ الباقون بكسر الفاء غير منون، ومعناها واحد وهي كلمة كراهية،
- قال أبو عبيدة: أصل التف وآلاف الوسخ على الأصابع إذا فتلتها. - وقيل: آلاف ما يكون في المغابن من الوسخ، والتف ما يكون في الأصابع. - وقيل: الأف وسخ الأذن والتف وسخ الأظفار. - وقيل: الأف وسخ الظفر والتف ما رفعته بيدك من الأرض من شيء حقير.

- فقد ركزت الآية الكريمة على عدة أمور هامة هي:
الأمر الأول:
الأمر ببر الوالدين والإحسان إليهما.

الأمر الثاني: ذكر كلمة (عندك) أي في بيتك وليس في بيوت العجزة!؟

الأمر الثالث: ذكر كبر الوالدين، لأنهما في هذه السن بحاجة لك ولبرك ولحنانك وعطفك عليهم والتواضع وخفض الجناح لهم، وتقديم كل عون ومساعدة لهم.

الأمر الرابع: ذكرت الآية الوالدين أو إحداهما، فالبر يكون لكيليهما أو لأحد منهما في حال موت الآخر

الأمر الخامس: النهي عن قول أف لهما وهي كلمة كثير ما يتلفظ بها الأبناء مع الآباء عندما يطلبون منهم أمراً أو ينهوهم عن أمر فتجد الولد أو البنت يقول بصوت عالٍ أف!!

الأمر السادس: ولا تنهرهما أي لا ترفع صوتك فوق صوتهما، ولا تخاطبهما بكلام قاسٍ فيه الخشونة والرعونة.

الأمر السابع: وقل لهما قولاً كريماً: أي قولاً ليناً طيباً فيه خفض للصوت مع البشاشة في الحديث معهما.

- وعليه: فقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن بر الوالدين من أفضل الأعمال عند الله تعالى، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها" قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين" قال: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" قال: حدثني بهذا، ولو استزدته لزادني. متفق عليه.

- حتى أن الإسلام أمرنا ببر الوالدين حتى ولو كانوا كفّاراً! فكيف لو كانوا مسلمين؟؟! فقال تعالى: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) سورة لقمان (15)
 
- أما حدود طاعة الوالدين - فبر الوالدين هو من باب رد الجميل والشعور الإنساني النبيل تجاه أعز الناس عليه بالمحبة والرحمة والإحسان.

- فالطاعة التي يريدها الشرع من الولد للوالد هي طاعة الإحسان وليست طاعة المسؤولية من خلال طبيعة المضمون الذي تحتويه أوامر الوالدين ونواهيهما، كما هو الحال في طاعة الله ورسوله وأولي الأمر.

- وعليه فلا طاعة لهما في معصية الله تعالى، ولكن يكون الرفض بالمعروف، كما أن الطاعة بالمعروف.