ما هو الشّرف بالنّسبة لك؟

لا بد أن مفهوم الشرف في مجتمعاتنا قد ارتبط بجسد المرأة، فإن مسها أحد فهذا يعني أنها "بلا شرف"، وتكون وصمة عار على كل أفراد أسرتها وخاصة الرجال كأبيها واخوانها وزوجها...

لكنني أرى أن هذا فيه ظلم كبير للمرأة ولمن حولها... فما ذنبها إن تعرضت للاعتداء مثلاً؟! وما ذنب أخيها بأن يسقط من عيون الناس لهذا السبب؟! أو حتى أن يجبر على قتل أخته أو الإساءة لها لغسل عاره؟! وما ذنب أختها ألا يقبل بها أي رجل كزوجة له بسبب ما حصل مع أختها؟! وحتى إن أخطأت الفتاة ومن ثم تابت وندمت فلماذا لا يسامحها المجتمع؟! 

سأخوض في موضوع الشرف من هذا المنحى لأن فكرة ربط كلمة الشرف بجسد الأنثى تزعجني كثيراً، فترى الرجل قد يقدم على قتل الفتاة التي تخصه لأنها خاضت في أمر يتعلق بمسألة الشرف - حتى لو كانت مظلومة- وقد تحاربها والدتها مدى الحياة، بل أنني سمعت كثيراً من القصص في مجتمعنا كانت الأم فيها هي من حرض الأب والإخوة على قتل ابنتها!
أنا لا أعني بأن يكون الشرف رخيصاً وألا تصون الفتاة نفسها، ولكنني أستغرب من ردود الأفعال عندما يتعلق الأمر بالشرف!

فقد يكون هذا الأخ الذي حاول قتل أخته لأنه سمعها تتحدث هاتفياً مع زميل لها في الجامعة لا يتحلى بالأخلاق الكريمة؛ فقد يكون سارقاً مثلاً أو قد تكون أخلاقه سيئة إلى أبعد الحدود، إلا أن برأي المجتمع أن كل شيء مسموح ومعفى عنه إلا الشرف. وما يضحكني ويبكيني في نفس الوقت أن هذا الأخ قد يكون قد أقام علاقات كثيرة مع بنات الناس وخدعهن، ولكن الأمر يتحول فجأة عندما يتعلق بأخته!

الشرف بالنسبة لي هو أن تصون نفسك ومن حولك، ولكن في نفس الوقت عليك أن تعرف أن عليك أن تصون بنات الناس أيضاً، فالشرف لا يتعلق فقط بالنساء اللاتي تخصك بل يتعلق بك أيضاً؛ فعندما تسيء لفتاة وتخوض معها في مسألة قد تسيء لشرفها فأنت بذلك تسيء لشرفك أنت أولاً.

فعلاً أتمنى أن يحاسب المجتمع الرجل كما يحاسب الفتاة، عندها لن نسمع بحوادث مأساوية كتلك التي نسمع بها هذه الأيام، كما أتمنى أن يتوسع مفهوم الشرف؛ فيحافظ الرجل على شرفه من خلال صون فتاته، فلا يجعلها تحتاج لأحد، فيغطي احتياجاتها المادية والعاطفية والاجتماعية. فعندما لا تجد الفتاة الأمان في بيتها، وعندما تهمل عاطفياً فإنها قد تلجأ للبحث عن رجل يسد لها هذه الاحتياجات الأساسية، فانظر في القضايا المنتشرة المتعلقة بمسألة الشرف تجد أن معظم النساء فيها محرومات من الأب أو من عاطفته، ويمنعن من التعبير عن مشاعرهن وعن آرائهن في المنزل!