تكلم الجن على لسان المسحور المموس أو المصروع أمر لم يرد نص من الكتاب والسنة بخصوصه ، ولكن وردت نصوص من أئمة أهل السنة والجماعة تفيد أن ذلك واقع مشاهد لا يمكن إنكاره ، وأهل الخبرة والعلم في مسالة الرقية الشرعية يؤيدون ذلك ، مثل مسألة دخول الجني في الإنسي والتي عدها بعض العلماء من المسائل التي خالف فيها المعتزلة أهل السنة والجماعة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى :
( وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل: (قلت لأبي إن أقواماً يقولون: إن الجني لا يدخل بدن المصروع، فقال: يا بني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه)، وهذا الذي قاله أمر مشهور، فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه، ويضرب على بدنه ضرباً عظيماً لو ضرب به جمل لأثر به أثراً عظيماً، والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقوله، وقد يجر المصروع غير المصروع ويجر البساط الذي يجلس عليه ويحول الآلات وينقل من مكانٍ إلى مكان، ويجري غير ذلك من الأمور من شاهدها أفادته علماً ضروريا بأن الناطق على لسان الإنسي والمحرك لهذه الأجسام جنس آخر غير الإنسان، وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع، ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على الشرع، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك). أ هـ.
فالشيخ رحمه الله يجعل دخول الجني في جسد الإنسي وتكلمه على لسانه أمر مشاهد معلوم لا يمكن إنكاره ، وينكر أن يكون في الأدلة الشرعية ما ينكر ذلك أو ينفيه ،وإن كان لم يذكر أنها تثبت بنصها ذلك .
وقد أنكر بعض العلماء تكلم الجني على لسان الإنسي ، كما أنكرها ابن حزم رحمه الله حيث عد ذلك من مخاريق واختلاقات السحرة ومن شابههم ، وإنما ما يفعله الجني برأيه هو أنه يوسوس للإنسي ويجتهد في ذلك حتى يجعله ينطق بما يريده .
وكذلك الألباني من المعاضرين قال ليس هناك دليل على تكلم الجني على لسان الإنسي .
ومن أنكر دخول الجني في الإنسي فهو ينكر حديثه على لسانه من باب أولى كالمعتزلة وبعض المعاصرين .
والأرجح أن الجني قد يتكلم على لسان الإنسي بصوته او بصوت الإنسي ويعرف ذلك بتكلمه بكلام لا يمكن أن يكون من ذلك الإنسي ، والواقع يؤيد ذلك ، ولا مانع منه في الشرع ، ولكنه ليس بالأمر الكثير الشائع كما قد يظن البعض .
والله أعلم