عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" متفق عليه.
- فهذا الحديث الشريف يدل على فضل قيام شهر رمضان المبارك، وأنه موسم من مواسم الخير ومن نفحات الله تعالى التي يجب على المسلم أن يستغله حتى يفوز بمغفرة ذنوبه وعتق رقبته من النار.
- وهذا القيام مشروط (إيماناً واحتساباً)
-فقوله: إيماناً: يعني إيمان بالله تعالى، ومصدقاً بوعده وبفضل القيام، وعظيم أجره عند الله تعالى. وسمعاً وطاعةً له والإقرار والاعتقاد بأنه فرض على كل مسلم ومسلمة وهو ركن من أركان الإسلام الخمس.
- وقوله: احتساباً: أي احتساب أجر القيام والصلاة والذكر وقراءة القرآن وصلاة التراويح وصلاة التهجد عند الله تبارك وتعالى مخلصاً في قيامه لله وحده بعيداً عن الرياء والنفاق.
- وحتى يتحصل المسلم على هذا الفضل عليه أن يحرص على صلاة الجماعة في المسجد جميعها وخاصة صلاتي العشاء والفجر، ففي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله) رواه مسلم.
- ويجب على المسلم أن يحرص على إتمام صلاته مع إمامه، ولا يفرط في شيء منها، ولا ينصرف قبل إمامه، حتى ولو زاد إمامه على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة". وما هي إلا ليالٍ معدودة يغتنمها العاقل قبل فواتها.
- ويجوز للمسلم إذا رغب أن يصلي ما كتب له وقت السحر، شرط لا يوتر في آخر صلاته مجددا، بل يكتفي بوتره مع إمامه في صلاة التراويح لما ورد في حديث طلق بن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا وتران في ليلة.
- وهذا الأمر محمول على الندب والاستحباب وليس على الوجوب، فلا يلزم ختم صلاة آخر الليل بالوتر، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد وتره في آخر الليل.
- وعليه: فصلاة التراويح تعني قيام الليل، ولكن بعض العلماء فرق بين القيام والتهجد: فقال أن القيام يكون قبل النوم، أما التهجد فيكون بعد النوم وقبل الفجر يعني في الثلث الأخير من الليل.
- وقوله صلى الله عليه وسلم: (غفر له ما تقدم من ذنبه) أي الذنوب التي فعلها مسبقا أن جزاء ذلك غفران ما تقدم من ذنوبه السابقة، غير الحقوق الآدمية المتعلقة بأموالهم أو أعراضهم أو أبدانهم؛ فهذه لا تسقط إلا برضاهم؛ فعلى الإنسان أن يطلب المسامحة ممن له عليه حق، أو يؤدي الحقوق إلى أهلها.
- وقد وقع الجزاء هنا بصيغة الماضي «غفر» مع أن المغفرة تكون في المستقبل؛ للإشعار بأنه متيقن الوقوع، متحقق الثبوت، فضلا من الله تعالى على عباده.
وفي الحديث: الحث على قيام شهر رمضان وبيان عظيم أجر ذلك.
- وفي حديث آخر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)
- وفي حديث آخر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)
- وكأن هذه الأحاديث فرص للمسلم: فغذا كان صيامه فيه خلل وقصر فيه، فقد أعطاه فرصة ثانية وهي القيام، وإذا قصر في أول عشرين يوماً منه، فقد أعطاه فرصة ثالثة وهي إحياء العشر الأواخر وخاصة ليلة القدر التي هي خير من عبادة ألف شهر فيما سواها من باقي ليالي العام.