العبارة المسؤول عنها وردت في الحديث عن أبي ذر رضي الله عنه قال :
" سَأَلْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ قالَ: إيمَانٌ باللَّهِ، وجِهَادٌ في سَبيلِهِ، قُلتُ: فأيُّ الرِّقَابِ أفْضَلُ؟ قالَ: أعْلَاهَا ثَمَنًا، وأَنْفَسُهَا عِنْدَ أهْلِهَا، قُلتُ: فإنْ لَمْ أفْعَلْ؟ قالَ: تُعِينُ صانعاً أوْ تَصْنَعُ لأخْرَقَ، قالَ: فإنْ لَمْ أفْعَلْ؟ قالَ: تَدَعُ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ؛ فإنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بهَا علَى نَفْسِكَ "(رواه البخاري ومسلم و غيرهما).
معنى (تعين صانعاً ) :
عبارة ( تعين صانعاً) رواها البخاري بلفظ (ضايعاً) ، لكن الصحيح في ضبط هذه اللفظة هو ( صانعاً ) كما ذكر الإمام النووي ، ومعناها : إعانة من كان صاحب حرفة وصنعة على حرفته ، سواء مساعدة مالية أو بدنية أو معنوية ، فمن كان نجاراً وعنده حرفة وينقصه مال ليفتح منجرة خاصة له تعينه بمال ليشتري بعض أدوات النجارة وهكذا سائر أصحاب الصنائع.
وقد يحتاج مساعدة في تيسير أمور معاملة له لتتم مصلحته وعمله ، وقد يحتاج إلى ترويج له أو ربطه بزبائن أو غيرها من أوجه المعونة لأصحاب الصنائع ومنها التخفيف عنهم من تكاليف العمل في هذه الأيام كتخفيف الرسوم والضرائب و التجاوز عنهم والتعاون معهم ليتجاوزوا ظروفهم الصعبة ، والتخفيف من الإجارات ، فكل ذلك داخل في معنى تعين صانعاً.
معنى ( تصنع لأخرق ) :
أما معنى ( تصنع لأخرق) فالأخرق هو الذي لا صنعة له ولا يحسن تدبير أموره ، فعنده نقص في عقله يمنعه من كمال التدبير والتفكير ، فمثل هذه الجاهل ، يدلنا النبي عليه السلام أن من الصدقة عليه أن تصنع له ، و الصنع له يكون بأن توجد لهم مصلحة يقتاتون منها كوقف أو محل يشرف عليه أحدهم ويكون دخل الرزق لهذا الأخرق ، أو تضعه في مكان يتناسب مع قدراته العقلية ويكون فيه ستراً له ومعونة في هذه الحياة .
فكلا العبارتين ترجع إلى قضية واحدة وهي معونة الناس سواء كان صانعهم أو جاهلهم كل بحسب حاله وما يصلح له ، فهذا الحديث مفخرة من مفاخر الإسلام يدل على رقيه وأنه سبق الغرب والشرق في الاهتمام بما يسمونها اليوم حقوق الإنسان.
والله أعلم