هذه العبارة معروفة عند بعض القبائل في جنوب الجزيرة العريبة ، وسياقها أنه إذا أحب إنسان إنسانا آخر ووالاه فإنه تعبيرا عن هذه المحبة يقول له ( الله يطعني عنك ) يعني : اسأل الله أن يجعل روحي فداءً لك ، فهو من شدة محبته له يفضل أن يموت أو يؤذى هو ولا يصيب هذا المحبوب المعظم أذى .
وفي المقابل فإن المحبوب المقول له هذه العبارة يقول له ( الله يسبق بي ) وذلك إذا كان يبادله هذا الحب أو التعظيم ، ومعنى هذه العبارة : اسأل الله أن ينزل البلاء بي أولا ولا يكون فيك فهو أيضا يفيده بنفسه وبروحه .
وبعض المعاصرين رأى أن هذه العبارات مكروهة أو محرمة لأن فيها دعاء على النفس بالأذى والموت والهلاك وهو منهي عنه ، كما جاء في الحديث المتفق عليه ( لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ، فإن كان لا بد متمنيا فليقل اللهم أحيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني ما علمت الوفاة خيرا لي )
وفي الحديث الآخر (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكُم، ولا تدعوا على أموالكُم، لا تُوافقُوا من اللهِ تعالى ساعة نيْلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم) رواه أبو داود .
ولكن الأرجح أن هذه العبارة ليس المقصود منها الدعاء على النفس ولا يقصد منها حرفيتها أو ظاهر لفظها ، وإنما هي مجرد تعبير عن المحبة والتعظيم ، ومثل هذه العبارات تحاكم إلى عرف الناس ومقاصدهم ويكون المقصد معتبر ، ولا تحاكم إلى مجرد اللفظ الظاهر منها .
وهذا جار كثيرا في كلام العرب ان تقال لفظه ظاهرها شر ودعاء على النفس ولكن المقصود بها غير ذلك فيعتبر المقصود لا الظاهر ، وذلك كقول النبي عليه السلام لمعاذ ( ثكلتك امك يا معاذ ) ، والثكل هو الفقد ، فظاهر اللفظ دعاء على معاذ ، ولكن العرف غير ذلك وأن هذا نوع من التنبيه والزجر فقط لا يراد به الظاهر ، لذلك استخدمها النبي عليه الصلاة والسلام .
والله أعلم